الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يلزم المرأة طاعة زوجها في مساكنة أهله الفاسدين؟

السؤال

أنا سيدة متزوجة منذ ستة عشر عامًا، عندما تقدم لي زوجي أخبر أهلي أنه في السنة النهائية من الدراسة الجامعية، وقبل الزوج بشهر واحد أخبرهم أن نتيجة الاختبار ظهرت وأنه تخرج من الجامعة، وبعد زواجي بشهر اكتشفت أنه ما زال في الفرقة الثالثة، وأنه راسب، فلم أخبر أهلي بذلك، وعاهدت نفسي أن أقف بجانبه إلى أن يتخرج من الجامعة، ويعمل، وطلب مني الذهب الخاص بي ليبيعه، ويفتتح مشروعًا، فأعطيته كل ذهبي، ولكنه -وبكل أسف- لم يحافظ عليه، وذهب الذهب، وذهب المشروع، وأثناء ذلك اكتشفت أنه على علاقة بسيدة متزوجة، ويتحدثان معًا عن أشياء متعلقة بالجنس، فتحملت قدري، ولم أخبر أهلي، لعل أمره ينصلح، ولكن هيهات أن ينصلح أمره؛ فكان يخرج من علاقة إلى علاقة أخرى، حيث رأيته في شقتي في أحضان طالبة كان يعطيها درسًا، ولم أخبر أحدًا بذلك، ولكنه تمادى في ذلك.
المهم أننا مكثنا في منزل أهله مدة سبع سنين، رأيت هناك ما لم يصدقه العقل، رأيت هناك بأم عيني زنا المحارم، رأيت هناك قتل الأجنة من الزنا، كنت أسمع سبّ دين الله بصفة يومية، تعرضت للسرقة مرات عديدة، حتى ملابسي الداخلية كانت تؤخذ من على الحبل، فكنت أدعو الله دومًا في سجودي أن أخرج من هذا البيت في أسرع وقت، إلى أن منّ الله عليّ، وطلب منه والده الشقة التي نعيش فيها ليعطيها لأخيه كي يتزوج فيها، ففرحت كثيرًا أني سأخرج من هذا البيت، فقد استجاب الله -عز وجل- لي، وأعطاني والدي -رحمه الله- شقة، وكتبها باسمي، وانتقلنا إلى شقتي التي سعدت بها كثيرًا، ولأول مرة بعد زواجي أنعم بالأمن، والأمان، وإن كان زوجي لم يتغير.
ومنذ ثلاثة أعوام حدث خلاف بيني وبين زوجي متعلق بعلاقته النسائية، وعلى إثرها تركت المنزل، وهي الشقة التي تخصني كي ينصلح حاله، وحكمنا بعضًا من أقاربه، وقصصت عليهم بعضًا مما كنت أعانيه، فوقف الجميع بجانبي، ورأوني على الحق، ولأن زوجي يريد أن نعود، ونعيش بمنزل أهله مرة أخرى، وأنا أرفض لأني لا آمن على نفسي، ولا على بناتي من هذا البيت؛ لما رأيته هناك من الزنا -زنا المحارم بصفة خاصة-، والسرقة، وتعاطي الحشيش، فهل في رفضي هذا عصيان لربي، وعصيان لزوجي؟ فأنا لا أستطيع العيش هناك حتى ولو وصل الأمر إلى الطلاق،
وأستحلفكم بالله ألا تحيلوني على أسئلة مشابهة، فأنا لم أجد فيها ما يشبه حالتي، وأنا لا أريد أن أعصي ربي، ولا أن أعصي زوجي؛ كي أحافظ على أبنائي.
علمًا أني -بفضل الله عز وجل- أقوم بتحفيظ أبنائي كتاب الله -عز وجل-، وأبث فيهم القيم الإسلامية، كما تعلمتها من أبي -رحمه الله-، وأتمنى أن يجعلني الله وإياهم من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
وجزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فليس في امتناعك من مساكنة أهل زوجك عصيان لربك، ولا تلزمك طاعة زوجك في هذا الأمر، فإنّ الطاعة إنما تكون في المعروف، ولا ريب أنّ مساكنة أهل زوجك -إن كانوا كما ذكرت- فيها ضرر على دينك، ودنياك، فالواجب على زوجك أن يوفر لك مسكنًا مناسبًا تأمنين فيه على نفسك، ولا تتعرضين فيه لضرر؛ قال ابن نجيم الحنفي -رحمه الله-: للزوج أن يسكنها حيث أحب، ولكن بين جيران صالحين. البحر الرائق شرح كنز الدقائق (4/ 211).

وننصحك أن تسعي في استصلاح زوجك، وإعانته على التوبة إلى الله -عز وجل- من العلاقات المحرمة، وأن يحرص على مصاحبة الصالحين، وأن يجنّب نفسه، وأهله مواطن السوء، فإن تاب، واستقام، وعاشرك بالمعروف، وإلّا فينبغي أن توازني بين ضرر الطلاق، أو الخلع وضرر بقائك معه، وتختاري ما فيه أخفّ الضررين.

ونوصيك بالاستعانة بالله، وكثرة دعائه؛ فإنّه قريب مجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني