الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عقد المضاربة إذا ضمن الربح وأرجع نسبة من المبلغ الأصلي حال الفسخ قبل السنة

السؤال

هناك شركة تملك بعض المطاحن، وهذه الشركة تبيع دقيقًا لبعض المصانع، وتجمع تكلفة الطحن، والكهرباء، وغيره من الناس، وتبيع الدقيق، وبعد ذلك تقسم الربح بينها وبين الناس، مع العلم أن الربح يكون عبارة عن نسبة حد أدنى للربح، ويكون شهريًّا.
مثلًا: أعطي للشركة عشرة آلاف جنيه، فتحدد لي نسبة حد أدنى شهريًّا 3% كريع، وتعطيني إيصالًا بالمبلغ الكلي، ومكتوب عليه: أسهم مغلقة، ونسبة حد أدنى مثلًا 3%، فتعطيني كل شهر حوالي 300 جنيه، وأحيانًا 305، 310، 300، وهكذا لمدة 12 شهرًا، ثم تعطيني المبلغ كاملًا، مع العلم أنه في حالة إغلاق الشركة لأي سبب ما، ولم أكمل السنة، فتعطيني الشركة نسبة من المبلغ الأصلي، وليس كله، فهل لي أن أضع أموالًا للاستثمار في هذه الشركة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي فهمناه من السؤال هو أن الشركة ضامنة للربح، ومن ثم؛ فهي ضامنة لرأس المال، وهذا لا يصح في عقد المضاربة، كما أن القول بأنه في حالة ما إذا فسخ المشترك العقد قبل مضي سنة لا يحصل على كامل رأس ماله، ولو لم تحصل خسارة، كما يفهم من السؤال، يعتبر أكلًا لمال الشريك بالباطل.

وعلى كلٍّ؛ فلا يجوز استثمار المال لدى الشركة ما لم تراع الضوابط الشرعية في عقودها مع المستثمرين، بحيث يتفق على أن يكون الربح نسبة شائعة، ثلثًا، أو ربعًا، أو نحو ذلك، مما يكتسب من ربح، ولا تضاف تلك النسبة إلى رأس المال، وإلا كانت من قبيل ضمان ربح معلوم، وهذا لا يصح؛ قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض -وهو المضاربة- إذا شرط أحدهما، أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة.

ويجتنب في العقد أيضًا اشتراط ضمان رأس المال، بل إن سلم رد لصاحبه، وإن خسر دون تعدٍّ، أو تفريط، كانت الخسارة منه، ولا تتحملها الشركة؛ جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن سندات المقارضة -المضاربة ضمن مقرراته-: لا تجوز أن تشمل نشرة الإصدار، أو صكوك المقارضة -المضاربة- على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال، أو ضمان ربح مقطوع، أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة، أو ضمنًا بطل شرط الضمان، واستحق المضارب ربح مضاربة المثل. اهـ.

كما يجتنب في العقد اشتراط أخذ المضارب، أو الشريك لجزء من رأس المال عند فسخ المضاربة قبل مضي سنة، إلا إذا كانت هناك خسارة دون تعدٍّ، أو تفريط، فإنها تحسب منه حينئذ، ولو لم يشترط ذلك.

ولا بأس بتوقيت المضاربة على الراجح، وحينئذ يلزم المضي فيها إلى انتهاء المدة، ما لم يتم التراضي على الفسخ من الطرفين، وانظر الفتوى رقم: 10670.

كما لا حرج في دفع بعض الأرباح أثناء المضاربة تحت الحساب؛ لما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة: يستحق الربح بالظهور، ويملك بالتنضيض، أو التقويم، ولا يلزم إلا بالقسمة، وبالنسبة للمشروع الذي يدر إيرادًا، أو غلة، فإنه يجوز أن توزع غلته، وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض (التصفية) يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب ...

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني