الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلق زوجته ومنعها أهلها من الرجوع حتى انقضت العدة

السؤال

طلقت زوجتي أثناء شجار بيننا، وقلت الصلح خير خصوصا أن لدينا ثلاثة أولاد، وقد ذهبت لاسترجاعها من أهلها ولكنهم رفضوا إرجاعها، وقد انتهت الآن فترة العدة.
فهل يلزمني الآن مهر جديد إذا رجعت بعد العدة؟ وهل تلزمني نفقة لأنهم رفضوا إعادتها؟ وهل تعتبر في ملك يميني بعد أن ذهبت لإرجاعها وتم الرفض وهي في فترة العدة؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما كان ينبغي أن تتعجل إلى الطلاق لمجرد حدوث هذا الشجار، فهنالك سبل شرعية لحل المشاكل الزوجية سواء أخطأ الزوج أو أخطأت الزوجة، وراجع الفتوى رقم: 1103، والفتوى رقم: 28395، ويتأكد التريث فيما إذا رزق الزوجان الأولاد، فقد يكون الطلاق سببا في ضياع الأولاد.

وإذا كانت هذه الطلقة تملك فيها الرجعة كالأولى أو الثانية فمن حقك أن ترجع زوجتك ولو لم يرتض ذلك أهلها، أو لم ترغب هي في ذلك، فأنت أحق بها، قال تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا... {البقرة:228}، قال القرطبي: أجمع العلماء على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة وكانت مدخولا بها طلقة أو طلقتين أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها وإن كرهت المرأة. اهـ.

وقد أساء أهلها إن رفضوا رجعتها لغير غرض صحيح، قال الله عز وجل: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ... {البقرة:232}، قال ابن كثير: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَأَنْ يُرَاجِعَهَا، وَتُرِيدَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ، فَيَمْنَعُهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ، فَنَهَى اللَّهُ أَنْ يَمْنَعُوهَا. اهـ.

ومجرد مجيئك إلى أهلها لرجعتها لا تصح به الرجعة ولا تدخل به زوجتك في عصمتك، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة راجع الفتوى رقم: 54195، وإذا لم تتم الرجعة على الوجه الذي ذكره أهل العلم حتى انقضت العدة فقد أصبحت أجنبية عليك، ولا تملك رجعتها إلا بعقد جديد، وتستحق المرأة مهرا جديدا.

ولها أن ترفض الرجوع إليك لأنك خاطب من الخطاب، ولا ينبغي لها أن ترفض لغير مسوغ شرعي، وإذا رغبت في الرجوع ومنعها أهلها فليس ذلك من حقهم، وانظر الفتوى رقم: 309898.

وأما النفقة خلال فترة العدة، فإن كانت قد أبت الرجوع إليك، فهي ناشز، والناشز لا نفقة لها، سئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله ـ عن نفقة المطلقة الرجعية الناشز، فجاء في جوابه: ...وعليه؛ فالذي يظهر لنا استمرار سقوط نفقتها، ولأن نفقتها في العدة ليست أولى من نفقتها في حال الزوجية قبل الطلاق, ومع هذا فقد سقطت بنشوزها. اهـ.

وننصح بتحكيم العقلاء عند الحاجة لذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني