الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إصرار الزوجة على معرفة بعض العبادات التي يخفيها الزوج

السؤال

إخفاء الطاعات والعبادات عن الزوجة.
أنا متزوج منذ عشر سنوات، وفرطت كثيرا في حق الله عز وجل، ولكني منذ عامين تقريبا، شرح الله صدري، وهداني إلى طريقه المستقيم؛ فأسأل الله الثبات حتى الممات.
في العامين الماضيين، أحاول أن أكثر من عبادات الخفاء (مثل الصيام، أو مساعدة بعض الناس، أو أكون في رحلة عمل لجدة، وأذهب للعمرة بدون إخبار زوجتي) حتى أعوض ما فاتني، وحتى أتجنب الرياء، والسمعة. وتحدث أحيانا مشاكل حادة بيني وبين زوجتي، وتقول لي: لماذا لا تخبرني بأنك صائم؟ أو تلح علي في الأسئلة وأنا مسافر حتى تعرف ماذا كنت أفعل في جميع أوقات يومي، ومتى نمت؟ ومتى استيقظت؟ وأنا أكره أن أخبرها بطاعاتي لله حتى ألقى الله عز وجل بها، وهي خبيئة لا يعلمها إلا هو، وأكره الكذب على زوجتي أيضا، حين تلح علي في السؤال!
وأخبرتها مرارا أن تلك عبادة بيني وبين الله، ولن أخبرك بها، ولكنها تصر على أن بعض العبادات يجوز إخفاؤها، والبعض الآخر مثل العمرة وأنا مسافر لرحلة عمل، لا يجوز لي إخفاؤها!
بماذا تنصحوني، وبماذا تنصحون زوجتي.
أفادكم الله؟
أسألكم الدعاء بالثبات، والإخلاص، وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنهنئك على ما أنعم الله عز وجل عليك من نعمة الهداية إلى الطريق الحق، والاستقامة عليه، ونسأله أن يرزقك الإخلاص في القول والعمل، ويجنبك الرياء، والخطأ، والزلل، إنه على كل شيء قدير.

وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى أرقام: 1208، 10800، 12928.

وقد سبق لنا بيان فضل إخفاء الطاعة، وأن ذلك أفضل، ما لم تدع حاجة إلى الإظهار، فيمكن مطالعة الفتوى رقم: 165657 .

ولا يلزمك شرعا إخبار زوجتك بكل ما تقوم بفعله، سواء من أمور العادات، أو من أمور العبادات، بل قد ورد عن السلف أنهم كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح، لا تعلم به زوجته، ولا غيرها.

ولا ينبغي لك المبالغة في أن تخفي عنها الأمور العادية، وقد يكون الأولى -أحيانا- أن تستشيرها في بعض هذه الأمور التي لا تقتضي المصلحة الراجحة إخفاءها عنها، وكل هذا تطييبا لخاطرها، وإبعادا للشيطان عن الدخول بينكما، وإفساد حياتكما.

وحسن أن تكون منك المبالغة في إخفاء الطاعات، ولا بأس بأن تظهر بعضها -إن أمنت الرياء- كإظهار الصوم مثلا، اتقاء للخلاف معها. هذا مع العلم بأن الكذب على الزوجة، مرخص فيه، إن لم يكن ذلك في أمر متعلق بحق من حقوقها، كما يمكن مداراتها، واستخدام المعاريض أحيانا، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 34529، ورقم: 52870.

والمقصود الأساسي تحري الحكمة، بحيث تحقق ما تريد أن تخفي من الطاعات؛ للاستعانة بذلك على الإخلاص، والبعد عن الرياء، وفي الوقت نفسه تتقي الخصام مع زوجتك، وتفوت الفرصة على الشيطان؛ لئلا ينغص عليكما عيشكما، روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة، أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه، وبين امرأته -قال-: فيدنيه منه، ويقول: نعم، أنت. قال الأعمش أراه قال: فيلتزمه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني