الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما المقصود بالنور في حديث: "والصلاة نور"؟ وما كيفية تحصيل ذلك النور؟

السؤال

هل يكون النور الذي يكون في الصلاة، لبعض الناس حسيًّا، كما أنه معنوي؟ وإذا كان كذلك، فما الطرق الموصولة ليعظم النور؟ وما صفاتها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالصلاة عماد الدين، وقرة عين سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وهي الصلة بين العبد ورب العالمين، كما أنها راحة الخاشعين، وسعادة المؤمنين.

وقد أخبر عليه الصلاة والسلام أنها نور للعبد، فعن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله، والحمد لله تملآن -أو تملأ- ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها، أو موبقها. رواه مسلم.

وهذا النور قيل: إنه معنوي، بمنعها لصاحبها من المعاصي، وهدايته إلى طريق الصواب، وقيل: إنه حسي يظهر على وجه المصلي في الدنيا، وفي الآخرة أيضًا، ولعله معنوي، وحسي معًا، قال النووي: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: والصلاة نور. فمعناه أنها تمنع من المعاصي، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وتهدي إلى الصواب، كما أن النور يستضاء به. وقيل معناه: إنه يكون أجرها نورًا لصاحبها يوم القيامة، وقيل: لأنها سبب لإشراق أنوار المعارف، وانشراح القلب، ومكاشفات الحقائق؛ لفراغ القلب فيها، وإقباله إلى الله تعالى بظاهره، وباطنه، وقد قال الله تعالى: واستعينوا بالصبر والصلاة. وقيل معناه: إنها تكون نورًا ظاهرًا على وجهه يوم القيامة، ويكون في الدنيا أيضًا على وجهه البهاء، بخلاف من لم يصل. اهـ.

ويقول الشيخ ابن عثيمين: وَالصَّلاةُ نورٌ. أي صلاة الفريضة، والنافلة نور، نور في القلب، ونور في الوجه، ونور في القبر، ونور في الحشر؛ لأن الحديث مطلق، وجرّب تجد. إذا صلّيت الصلاة الحقيقية التي يحضر بها قلبك، وتخشع جوارحك، تحس بأن قلبك استنار، وتلتذّ بذلك غاية الالتذاذ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصلاة. اهـ.

وقال أيضًا: فالصلاة نور: نور للعبد في قلبه، وفي وجهه، وفي قبره، وفي حشره؛ ولهذا تجد أكثر الناس نورًا في الوجوه أكثرهم صلاة، وأخشعهم فيها لله عز وجل، وكذلك تكون نورًا للإنسان في قلبه؛ تفتح عليه باب المعرفة لله عز وجل، وباب المعرفة في أحكام الله، وأفعاله، وأسمائه، وصفاته، وهي نور في قبر الإنسان؛ لأن الصلاة هي عمود الإسلام، إذا قام العمود قام البناء، وإذا لم يقم العمود فلا بناء، كذلك نور في حشرة يوم القيامة؛ كما أخبر بذلك الرسول صلي الله عليه وسلم: أن من حافظ عليه كانت له نورًا، وبرهانًا، ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا، ولا برهانًا، ولا نجاة يوم القيامة، وحشر مع فرعون، وهامان، وقارون، وأبي بن خلف، فهي نور للإنسان في جميع أحواله، وهذا يقتضي أن يحافظ الإنسان عليها، وأن يحرص عليها، وأن يكثر منها حتى يكثر نوره، وعلمه، وإيمانه. اهـ.

ومما تقدم يعلم أن الصلاة التي يحصل بها النور المذكور، هي الصلاة الحقيقية، المشتملة على الشروط، والأركان، وعلى الخشوع، والخضوع، وحضور القلب، وأنه كلما حافظ عليها الإنسان، وحرص عليها، وأكثر منها، ازداد نوره، وعظم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني