الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منع الرجل امرأته من العمل الإضافي الذي تخرج له متبرجة

السؤال

أرجوكم ساعدوني في مشكلتي.
أنا -ولله الحمد- تزوجت منذ ثلاثة أشهر، وكنت أعمل في إحدى الدول الخليجية، وزوجتي تعمل في إحدى الدول الخليجية أيضًا، ولكن ليست نفس دولتي، وكنت أعلم بهذا قبل زواجي بها، وقبل الزواج قلت لوالدها: إذا أرادت المجيء عندي بعد الزواج فلا مانع لدي؛ لأني أعمل -والحمد لله- والراتب معقول، ويوفر لنا عيشة كريمة -بفضل الله-، وقال لي والدها: إنها لن تترك عملها في تلك الدولة، فوافقت أنا على هذا الشرط، وقلت: إن شاء الله أنا رجل، وبوسعي -إن شاء الله- أن أجد رزقي في تلك البلاد، وتمت الزيجة -بفضل الله- وسافرت إليها، وكنت أعلم أنها كانت تعمل عملين؛ لأنه كان دوامها الصباحي ينتهي الساعة 2 ظهرًا، فيتبقى لها متسع من الوقت، فكانت تعمل فترة مسائية لتضييع الوقت، وتعود يوميًّا الساعة التاسعة والنصف مساء، وقبل الزواج قالت لي: إنها سوف تترك العمل المسائي؛ فوافقت؛ لأنه ليس من الضروري أن تعمل عملين، وخصوصًا وهي أنثى متزوجة، ولكني فوجئت بعد زواجي بها أنها لا تريد ترك العمل المسائي، وأنها لم تقم بتقديم استقالتها بحجة توفير المال؛ لأنها تنفق على البيت إلى أن أجد عملًا، وتقول لي: إن عملي من الممكن أن يكون فترتين، فلماذا أجلس في البيت؟ وتريد الذهاب للعمل المسائي، فرفضت في بادئ الأمر، ولكن مع إصرارها، ولأني وجدتها تريد هذا العمل بشدة، وربما تريده في شيء آخر، وأنا -ولله الحمد- لم أسألها عن راتبها حتى الآن، ولن أفعل؛ لأنه حقها، ولا يجوز لي معرفته، ولا الأخذ منه إلا برضاها فقط، ولكني الآن أراها تنزل متزينة، وتضع مستحضرات التجميل، والعطور أثناء نزولها للعمل المسائي، وفي آخر مرة تشاجرت معها على العطور، وأخذت منها عطورها، وقلت لها: إذا رأيتك تضعين عطورًا مرة أخرى فلن تخرجي بعد اليوم من المنزل، ولكنها غير مقتنعة بذلك، ولكني أصررت على موقفي، والآن هي تعود كل يوم إلى المنزل الساعة التاسعة والنصف يوميًّا، وتأخذ إجازتها يومي الجمعة والسبت فقط، ولا أستطيع معاشرتها في باقي الأيام، وذلك لأنها تقول لي: إنها متعبة طوال اليوم من العمل، وأنا لم أرد عليها، ولكن الأمر يضايقني في داخلي، وتقول لي: إنها ليست مقصرة في حقي، فإنها تقوم بإعداد الغداء عند عودتها من العمل الأول، وبعد العمل الثاني تقوم بإعداد العشاء، وتخلد إلى النوم! أهذه هي الحياة؟ وأنا الآن أريد أن أمنعها من العمل المسائي، فهل يجوز ذلك؟ وهل يجوز لي منعها بالقوة؟ وأعلم أن الشرع لم يحل لها الخروج وهي متبرجة، ولكنها تتذمر إذا قمت بلومها، فماذا أفعل؟ وهل يحق لي معرفة في أي شيء تنفق أموالها؛ لأني أخاف أن تقوم بإنفاقها فيما لا نحتاج إليه، وأنا –والله- لا أريد بذلك أن أعلم مرتبها، أو آخذ منه شيئًا، فهل يجوز؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد،

فيجوز لك منع زوجتك من هذا العمل المسائي الذي يترتب عليه عدم قيامها بحقك، ولا سيما إن كنت قد اشترطت عليها ذلك، ووافقت عليه -كما ذكرت-، فهذا مما يتأكد به جواز المنع؛ إذ يجب على الزوجين الوفاء بما اتفقا عليه من الشروط الصحيحة قبل الزواج، وراجع الفتوى رقم: 1357.

ويجب عليك منعها من الخروج متعطرة، أو متبرجة، سواء خرجت للعمل أم لغيره، فقد جعل الله لك القوامة عليها، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء:34}، وأنت مأمور بالعمل على ما يصونها، ويحول بينها وبين الفتنة في دينها، كما قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6}، قال السعدي في تفسيره: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. اهـ. وهي مأمورة شرعًا بطاعتك في المعروف بمقتضى قوامتك عليها، روى الترمذي عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمرا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. فإن أبت فلك الحق في تأديبها وفقًا للخطوات التي ورد بها الشرع، وراجعها في الفتوى رقم: 1103.

وانظر في حكم خروج المرأة متبرجة أو متعطرة الفتوى رقم: 15388، والفتوى رقم: 244765.

ومن الخطأ الجسيم أن يتدخل الأب بين ابنته وزوجها بحيث يفسدها عليه، والأولى أن يعين الزوج على صلاحها.

ولا بأس بأن تسألها فيما يختص بأمر راتبها، ولكن من حقها أن تمتنع عن إخبارك بشأنه، فأمره يخصها، وإن لم ترج من ذلك مصلحة، فالأولى أن لا تسألها عنه، فقد تمتنع عن إخبارك، فتجد في نفسك بسبب ذلك.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني