الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا طلق إحدى زوجاته رجعيا فلا ينكح غيرهاإلا بعد انقضاء عدتها

السؤال

رجل متزوج بأربع نساء فطلق إحداهن الطلقة الثالثة هل له أن يتزوج قبل انتهاء عدة هذه المطلقة؟
أجيبونا مأجورين مع ذكر أوجه الخلاف إن كان موجودا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإذا طلق الرجل إحدى زوجاته الأربع طلاقاً رجعياً، وأراد أن يتزوج، أو طلق امرأة طلاقاً رجعياً، وأراد أن ينكح أختها، فإن ذلك لا يجوز له حتى تنقضي العدة باتفاق الفقهاء.
قال ابن قدامة في المغني: فإذا طلق زوجته طلاقاً رجعياً فالتحريم باقٍ بحاله في قولهم جميعاً. انتهى.
أما إذا كان الطلاق بائناً، فمذهب الحنفية والحنابلة أنه لا يجوز له التزوج كذلك حتى تنقضي العدة كالحالة السابقة.
قال ابن قدامة في المغني: وإن كان الطلاق بائناً فكذلك عندنا حتى تنقضي عدتها، وروي ذلك عن علي وابن عباس وزيد بن ثابت، وبه قال سعيد بن المسيب ومجاهد والنخعي والثوري وأصحاب الرأي. انتهى.
ودليلهم أنها محبوسة عن النكاح لحق الزوج، فأشبهت بذلك الطلاق الرجعي.

وجاء في درر الحكام شرح غرر الأحكام من كتب الحنفية: فَإِنْ طَلَّقَ الْحُرُّ إحْدَى نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ طَلَاقًا بَائِنًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَابِعَةً حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. انتهى
وذهب المالكية والشافعية إلى أن المطلق له أن يتزوج رابعة مكان من طلقها أو أختاً مكان أختها إذا كان الطلاق بائناً، -وهذا هو الراجح- قال خليل وهو مالكي: وحلت الأخت ببينونة السابقة. انتهى.
ودليلهم في ذلك قول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:23].
أي نكاحهن، ثم قال: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ معطوفاً، والبائن ليست في نكاحه، ولأنها بائن فأشبهت المطلقة قبل الدخول، ولا فائدة تعود على الزوج من انتظار انقضاء عدة زوجته البائنة، ففي إلزامه بذلك إضرار به، والقاعدة: أنه لا ضرر ولا ضرار.
وراجع الفتوى رقم: 8096.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني