الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز الكذب لمساعدة شخص على تسديد ديونه؟

السؤال

هل يجوز الكذب لكي أساعد شخصًا على تسديد ديونه؟
مثال: فلان (1) مقترض مني مبلغًا من المال، وهذا الشخص مريض، ولا يقدر أن يسدد لي، وأنا أعرف أن فلانًا (2) يساعد على السداد -بإذن الله-، لكن بينه وبين فلان الأول مشكلة، فهل من الممكن أن أكذب على الثاني حتى يسدد المبلغ، وأقول له: أنا مقترض من الأول؛ حتى أدفع الضرر عن الأول الذي أطالبه بالمال؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الكذب بمجرده حرام، وتزداد حرمته إذا تضمن غشًّا، وخداعًا، وتوصلًا إلى تناول مال الغير بنوع خديعة، وتحايل، وما تسأل عنه يترتب عليه أن يدفع إليك الشخص المال بناء على أنك المقترض، والواقع على خلاف ذلك، وهذا لا يحل، وما تذكر من أنك تدفع الضرر عن المدين لا يبرر هذا الفعل.

وقد سئل الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله- في فتاوى نور على الدرب سؤالًا هذا نصه: سلَّمني أحد أصدقائي مبلغًا، وقدره خمسة آلاف ريال من زكاة ماله، وعمدني أن أوزعها على الفقراء والمساكين، وكنت في ذلك الوقت محتاجًا لهذا المال حاجة ملحة، وعليّ دَين، ولم أستطع قضاءه، وقد أخذت هذا المال وقضيت به ديني بدون علم منه، وأخبرته أني وزعت المال على الفقراء، فما حكم عملي هذا؟ وهل يعتبر بذلك قد أدّى زكاته أم لا؟

فأجاب -رحمه الله تعالى-: إن تصرفك هذا خطأ عظيم، حيث كذبت على صاحبك الذي وكلك، وزعمت أنك أديته للفقراء، وكان الواجب عليك إذا كنت في حاجة إليه، وكنت من أهل الزكاة أن تستأذن منه قبل أن تتصرف فيه، وأن تقول له: هل تسمح لي أن أقضي به دَيني؟ فإذا سمح لك بهذا، فلا شيء فيه، ولكن حين حصل منك ما حصل، فعليك أن ترجع إلى صاحبك، وأن تخبره بما فعلت، وأن تستسمح منه، ثم إن سمح لك وأجاز تصرفك بصرف هذا المال إلى الدَّين الذي عليك، فإنه صحيح تبرأ ذمته من زكاته، وتسلم أنت من الإثم، وأما إذا لم يأذن لك، فإنه يجب عليك أن ترد إليه المبلغ، وهو يخرج الزكاة عن نفسه؛ لأن الزكاة لم تبلغ محلها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني