الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يتم الزواج بمجرد إقامة علاقة بين أجنبيين ومنادة كل منهما للآخر بصفة الزوجية

السؤال

تعرفت على سيدة فاضلة مطلقة من دولة عربية أخرى بهدف الزواج، لكن ظروفنا لا تسمح بالزواج الآن، وأحببتها حباً شديداً وبادلتني بأكثر من حبي، وتعاهدنا على الزواج عند زوال المعوقات، وبدأت أناديها بزوجتي، وهي تسميني زوجها، وأصبحنا في حكم المتزوجين في كلامنا ومناجاتنا، حيث يدور بيننا كلام من الأمور العامة إلى حديث الفراش وما يدور بين الأزواج من رفث ووصف دقيق للمعاشرة الجنسية، وتبادلنا الصور المختلفة، بالملابس وبدون الملابس، وتبادلنا كذلك صور عوراتنا ـ أجلكم الله ـ فهل نعتبر في حكم المتزوجين في تعاهدنا على الزواج؟ وهل يجوز ما نقوم به من الأمور التي ذكرتها؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمجرد التعاهد بينكما على الزواج، أو مناداتك لها بيا زوجتي، ومناداتها لك بيا زوجي، لا تعتبر به هذه المرأة زوجة لك. فالزواج له أركانه وشروطه التي لا يتم إلا بها، ومن ذلك صيغة الإيجاب والقبول، وأن يعقده الولي أو وكيله في حضور شاهدين، وراجع فتوانا رقم: 1766.

وعليه، فهذه المرأة أجنبية عنك، فما كان بينكما من محادثات وصلت إلى حد وصف المعاشرة الجنسية، وما حدث من تبادل للصور واطلاع على العورات من خلالها، تجاوز عظيم لحدود الله تعالى، وتساهل منكما، ما كان لكما الوقوع فيه، بل إن هذا نوع من الزنا بنص الحديث الذي رواه البخاري ومسلم ـ واللفظ لمسلم ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه.

وهذه الأمور وإن كانت وسائل إلى الزنا إلا أن الشرع سماها زنى تنفيرا منها وبيانا لخطورتها، فالواجب عليكما التوبة إلى الله تعالى وقطع هذه العلاقة فورا، فإن تيسر الزواج فيما بعد، فذاك، وإلا فليذهب كل منكما في سبيله، وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 30003، 21582، 5450.

ولا ندري ما الذي دعاك إلى الوصول معها إلى هذا الحد ثم السؤال بعد ذلك على عكس ما كان ينبغي، بل ما كان واجبا وهو السؤال قبل العمل، فقد قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {الأنبياء:7}.

قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها، لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ـ وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.

ونوصيك بالحرص على كل ما يعين على الاستقامة والثبات على الحق ويحول بينك وبين الشيطان ومكائده ووساوسه ونرجو مطالعة الفتاوى التالية أرقامها: 1208، 10800، 12928.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني