الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل العبادة المتعدية على العبادة القاصرة

السؤال

ما حكم عمل تبرعي مجانًا إذا كان منافسًا لعمل يؤجر عليه؟ وما هي الشروط للقيام بعمل تبرعي مجانًا؟
وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالسؤال غير واضح تمامًا.

وإن كان المقصود المقارنة بين العبادة القاصرة كنوافل الصوم والصلاة، والعبادة المتعدية، لا سيما ما هو مطلوب في وقته كإطعام الجوعى، وعلاج المرضى وقت الكوارث، ونحوها: فالجواب أن هذا الأخير أفضل، وأكثر أجرًا؛ لأن نفعه متعدٍّ بخلاف العبادات الفردية فإن منفعتها تقتصر على العابد، ولا تتعدى إلى غيره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم -حاثًّا على هذا النوع من الأعمال المتعدية النفع-: على كل مسلم صدقة. قيل: أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق. قال: قيل: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف. قال: قيل له: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير. قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يمسك عن الشر فإنها صدقة. متفق عليه.

وفي الحديث الآخر: ذهب المفطرون اليوم بالأجر. رواه البخاري ومسلم.

جاء في حاشية السندي على سنن النسائي: ذهب المفطرون بِالْأَجْرِ. أَي: حصل لَهُم بالإعانة فِي سَبِيل الله من الْأجر فَوق مَا حصل للصائمين بِالصَّوْمِ؛ بِحَيْثُ يُقَال: كَأَنَّهُمْ أخذُوا الْأجر كُله. اهـ.

وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري: قوله: (ذهب المفطرون) بالأجر، أي: بالأجر الأكمل الوافر، لأن نفع صوم الصائمين قاصر على أنفسهم، وليس المراد نقص أجرهم، بل المراد أن المفطرين حصل لهم أجر عملهم ومثل أجر الصوام لتعاطيهم أشغالهم وأشغال الصوام.

قيل: فيه: أن أجر الخدمة في الغزو أعظم من أجر الصيام. وفيه: أن التعاون في الجهاد وفي خدمة المجاهدين في حل وارتحال واجب على جميع المجاهدين. وفيه: جواز خدمة الرجل لمن يساويه، لأن الخدمة أعم -كما ذكرنا-. اهـ.

والعمل الخيري لا يقتصر على المسلم أو الإنسان فقط، بل يشمل كل ذي روح من إنسان وحيوان؛ ففي حديث أبي هريرة المتفق عليه: في كل كبد رطبة أجر.

ولا نعلم شروطًا للقيام به سوى احتساب الأجر وتحقيق الإخلاص حتى يكون العبد مأجورًا عند الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني