الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة من رفع جبهته عن الأرض وهو ساجد ثم أعادها

السؤال

ذكرتم أن من رفع جبهته عن الأرض حال السجود ثم أعادها، فصلاته باطلة، لزيادته سجودا، وأنا موسوسة كما تعلمون، وفي كثير من الأحيان أحس أنني منحرفة قليلا عن القبلة عندما أسجد، وأحيانا يكون ذلك حقيقة، وأحيانا يكون من الوسواس، فأرفع رأسي قليلا لأعتدل صوب القبلة، وأحيانا يكون وضع رأسي على الأرض يضايقني فأرفع رأسي لأغير وضعه، فهل هذا يبطل الصلاة؟ وماذا إذا رفعت رأسي وأعدته وأنا ناسية أنه يبطل الصلاة، ثم تذكرت عندما أعدته؟ وماذا أفعل؟ وهل أرفع وأعتبرها سجدة ثانية؟ أم أكمل على أنها السجدة الأولى؟ كما أنني وجدت فتوى للشيخ ابن باز تقول إن من رفع راْسه قليلا، فهذا لا يضر، لكنه من العبث، فهل يجوز الأخذ بها؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننصحك ـ أولا ـ بطرح الوساوس وعدم الاسترسال معها، فإن ذلك يؤدي إلى شر عظيم، وإذا شككت في انحرافك قليلا عن القبلة، فلا تلتفتي لهذا الشك خاصة أثناء سجودك، فإن الانحراف القليل لا يضر، ثم اعلمي أن رفع الجبهة ثم وضعها ثانية لا ينبغي لغير حاجة، وإذا رفع المصلي جبهته لحاجة ثم ردها، فهذا لا يضر كما يدل عليه حديث شداد ـ رضي الله عنه ـ لما سجد النبي صلى الله عليه وسلم وأطال السجود قال: فَرَفَعْتُ رَأْسِي، وَإِذَا الصَّبِيُّ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَرَجَعْتُ إِلَى سُجُودِي... والحديث رواه أحمد والنسائي.

قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: في حال السجود يجب على الإنسان أن يسجد على سبعة أعضاء: على الجبهة والأنف وهما عضو واحد، والكفين، والركبتين، وأطراف القدمين، ولا يجوز أن يرفع شيئاً من هذه الأعضاء لا الأنف ولا الكف ولا القدم، لكن لو دعت الحاجة أو الضرورة إلى ذلك وردها بسرعة، فأرجو ألا يكون به بأس. اهــ.

وعلى هذا، فإذا دعتك الحاجة لرفع جبهتك قليلا ثم إعادتها، فلا تبطل صلاتك ـ إن شاء الله ـ مثل ما إذا سجدت على نحو سبب لك أذى في أحد أعضائك فرفعت جبهتك سريعا لتعدلي الوضع، أو سجدت على شيء يؤذي جبهتك، فرفعتها ثم أعدتها سريعا، فهذا لا يضر ـ إن شاء الله ـ وفي هذه الحالة لا تعدين هذا الرفع شيئا، لأنه ليس بنية الرفع من السجود وبالتالي، فالسجود الذي حصل قبله والذي حصل بعده حكمه حكم سجود واحد، ما لم تكن الطمأنينة قد حصلت قبل أن ترفعي للعذر ففي هذه الحالة عليك أن لا تعودي للسجود مرة أخرى، لأن ذلك مبطل للصلاة عند بعض أهل العلم، لكونه يعتبر عندهم سجودا جديدا زائدا، كما سبق أن نبهنا عليه في الفتوى رقم: 236995.

ومنهم من يعد ذلك كله سجودا واحدا، وبالتالي فلا يبطل الصلاة به ما لم يكثر ويتوالى، سئل الشيخ ابن باز: في الصلاة وأثناء السجود مما يدعو إلى إطالة السجود نقوم بعض الأحيان برفع الرأس أو تحريكه يميناً وشمالاً عن موضع السجود للاستراحة ونحو ذلك من الأسباب، فهل يعتبر ذلك نهاية لتلك السجدة ولا يجوز بعدها الاستمرار بالسجود، أم كيف توجهون الناس؟ فأجاب: هذا العمل مكروه لا ينبغي، لأن هذا عبث، ولكن يسجد طاقته ولا يطول تطويلاً يلجئه إلى هذا العمل، يسجد يأتي بالتسبيح ثلاث مرات أو خمس مرات، ويدعو بما تيسر ثم يرفع، لا يكلف نفسه، وإذا كان إماماً كذلك لا يشق على الناس، أما أنه يرفع رأسه ويومي به، هذا لا، مكروه، وهو من العبث الذي لا ينبغي، وإذا كثر قد يبطل الصلاة إذا كثر وتوالى، لكن بكل حال هو مكروه ولا ينبغي، والسجود باق، إذا رفع رأسه قليلا ثم وضعه، هذا من كمال السجود ما يبطل السجود، لكن لا ينبغي هذا العمل، بل يسجد ما يسر الله له، ثم يرفع رفعاً تماماً، ويأتي بالسجدة الثانية. اهـ.

ولا مانع من الأخذ بهذا القول خاصة مع الحاجة والوسواس الذي تعانين منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني