الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يباح الكره القلبي للوالد المؤذي والانفصال عنه بدون قطيعة

السؤال

أنا شاب في 22 من عمري، ومشكلتي مع أبي، فأنا لا أحبه، وأحب أمي كثيرا، وذلك بسبب السب والضرب في أغلب الأوقات وتعاطيه المخدرات ومعاملته السيئة لأمي، فكل هذا جعلني ضعيف الشخصية، ولكي أثبت لنفسي أنني لست كذلك أصبحت عصبيا إلى حد كبير، وزادت مشاكلي بسبب ذلك، وأشعر أنه السبب في كل هذا، وبسبب محوه لشخصيتي لا أطيق أن أجلس معه في مكان واحد، ورغم هذا لا أفعل له أي شيء، ولكنني مللت من هذا الوضع وأشعر أن حياتي دمرت بسببه، فهل يحاسبني الله إذا انفصلت عنه، مع العلم أنني لن أقطع السؤال أو أي شيء يطلبه؟ وهل سيحاسبني الله على عدم حبي له رغم أنه ليس بيدي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمجرد الكره القلبي لوالدك بسبب تصرفاته السيئة لا لوم عليك فيه، فقد دل الشرع على أنه لا مؤاخذة على ما لا اختيار للعبد فيه، قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا {البقرة:286}.

ولكن يجب عليك الحذر من أن تصدر منك أي إساءة تجاهه ولو بالتأفيف أو عبوس الوجه، فذلك كله من العقوق، وراجع الفتويين رقم: 308401، ورقم: 265732.

ومجرد انفصالك عنه لا حرج عليك فيه، وسبق أن أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 291139.

ونوصيك بالاستعانة بالله وذكره، فإن ذلك مما يقوى به القلب ويثبت، لذلك أمر الله عز وجل بذكره في أصعب المواقف ـ نعني حالة الحرب ـ حيث قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الأنفال:45}.

ونرجو أن تجعل لوالدك حظا من دعائك بأن تسأل الله عز وجل له بالهداية والتوبة النصوح، ويمكنك أن تسلط عليه بعض العلماء والفضلاء ليبذلوا له النصح ويخوفوه بالله تعالى، عسى أن يجعلهم سببا لصلاحه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني