الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدليل على إعانة الله العباد على ما كلفهم به

السؤال

نقل ابن القيم في مدارج السالكين: ولو توكل العبد على الله حق توكله في إزالة جبل عن مكانه، وكان مأمورا بإزالته، لأزاله ـ فهل هذا الكلام صحيح؟ وهل صح أن عليا ـ رضي الله عنه حمل باب خيبر وحده دون مساعدة من أحد بينما كان الباب ثقيلا جدا؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الكلام لا إشكال فيه، وقد ذكره ابن القيم في مدارج السالكين، وهو متطابق مع الآية الكريمة: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {البقرة:286}.

فلو كلف الرب العبد نقل جبل لكان ذلك في طوقه.

وأما قصة حمل علي بن أبي طالب باب خيبر: فقد نقلها بعض العلماء في كتب السير، وذكرها ابن أبي عاصم في السنة، فقال: ومن فضائله التي أبانه الله بها تزويجه بفاطمة وولده الحسن والحسين ـ رحمة الله عليهما ـ وحمله باب خيبر...انتهى.

وقد أنكرها كثير من المحققين، قال ابن تيمية:... ولا نزل لعلي ولا لغيره سيف من السماء، ولا مد يده ليعبر الجيش، ولا اهتز سور خيبر لقلع الباب، ولا وقع شيء من شرفاته، وإن خيبر لم تكن مدينة، وإنما كانت حصونا متفرقة، ولهم مزارع، ولكن المروي أنه ما قلع باب الحصن حتى عبره المسلمون، ولا رمي في منجنيق قط، وعامة هذه المغازي التي تروى عن علي وغيره: قد زادوا فيها أكاذيب كثيرة، مثل ما يكذبون في سيرة عنترة والأبطال، وجميع الحروب التي حضرها علي ـ رضي الله عنه ـ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة حروب: الجمل وصفين وحرب أهل النهروان. والله أعلم. اهـ

قال السخاوي في المقاصد الحسنة: حديث: حمل علي بابَ خيبر، أورده ابن إسحاق في السيرة عن أبي رافع مولى رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن سبعة هو ثامنهم، اجتهدوا أن يقلبوه، فلم يستطيعوا، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه البيهقي في الدلائل، ورواه الحاكم، وعنه البيهقي في الدلائل من جهة ليث ابن أبي سليم عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين عن جابر أن عليا حمل الباب يوم خيبر، وأنه جرب بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلا، وليث ضعيف والراوي عنه شيعي، وكذا من دونه، ولكن لمن دونه متابع، ذكره البيهقي، ومن جهة حرام بن عثمان عن أبي عتيق وابن جابر أن عليا لما انتهى إلى الحصن اجتبذ أحد أبوابه فألقاه بالأرض فاجتمع عليه بعده منا سبعون رجلا، فكان جهدهم أن أعادوا الباب، وعلقه البيهقي مضعفا له، قلت: بل كلها واهية، ولذا أنكره بعض العلماء. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني