الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قطع الأخت صلة أخيها بسبب طرده لها من بيته

السؤال

نحن نعلم أن قطيعة الرحم من الكبائر، حتى الرحم الذين يأتون لك بالمضرة لا يجوز أن تقطعهم، ويجب عليك صلتهم بالقدر الذي لا يحصل لك مضرة.
خالي طرد أمي، وقال لها: لا تأتي إلى بيتي. وشتمها، وظلمها، وهي الآن تقول: لن أزوره، ولا حتى في المناسبات والأفراح والأعياد، وأنا تبرأت منه؛ لأن ما فعله ليس قليلًا. فكيف بعد كل ما عمله ستدخل أمي عليه؟! فهنا لن يصبح لها كرامة، فهل الآن ما تفعله أمي صحيح؟ وهل تأثم على ذلك لأنها تريد قطع رحمها أم أن هناك حلولًا أخرى؟
أريد جوابًا بأسرع وقت، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن شأن الرحم عظيم، فقد اشتق لها الله اسمًا من اسمه، وأقامها في مقام عظيم، وأوجب صلتها، وحرم قطيعتها، بل إن قطيعتها كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب، والطرد من رحمته. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 26850، والفتوى رقم: 43714.

وإن كان خالك قد شتم أمك أو ظلمها أو طردها من بيته لغير مسوغ تقتضي ذلك، فقد أساء إساءة بالغة، وأتى إثمًا مبينًا، وقطع رحمه، فيجب أن يتوب إلى الله -عز وجل- توبة نصوحًا، ويستسمح أمك، وشروط التوبة مبينة في الفتوى رقم: 29785.

وما كان ينبغي له أن يصل معها إلى هذا الحد، فهي أخته، فإن أساءت هي ابتداء فوجوه الإصلاح كثيرة، والعفو أفضل وأحسن عاقبة، وتراجع الفتوى رقم: 27841.

وفي المقابل إن كان هو الظالم لها، فلا يجوز لها قطعه إلا أن تخشى من ذلك ضررًا، وعفوها عنه وسعيها في صلته رغم إساءته من شيم الكرام، وهضم النفس من أجل الأرحام محمود ومثاب عليه؛ روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ. فقال: «لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك». فلا يقال إذًا إنها إذا دخلت بيته لا كرامة لها، فسيكرمها ربها -بإذنه- ويعزها.

ونوصي بانتداب العقلاء للإصلاح إن تطلب الأمر ذلك، فالإصلاح من أفضل ما يتقرب به المسلم إلى ربه -عز وجل-، ولمعرفة بعض النصوص الواردة بشأن الإصلاح يمكن مطالعة الفتوى رقم: 106360.

وإذا لم يكن على أمك مضرة من صلة أخيها، فلتحرص على ذلك، أو لتصله بالقدر الذي لا مضرة فيه عليها، ولا يمنعها منه ما يُظن من المذلة، بل بالعفو تنال العزة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله". رواه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني