الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاقة عاطفية قاربت المحظور.. الحلول الناجعة

السؤال

تخرجت من الجامعة بالمركز الأول على الجامعة، وأصبح لدينا في البيت شبكة النت، وعينت معيدة في الجامعة، وأقسم بالله لم أتكلم مع شاب أو أقمت علاقة مع أي شاب.
بالصدفة تعرف علي شاب من دولة عربية أخرى على النت، وبدأت علاقة بيننا، وأحبني حباً شديداً وأنا أحبه أكثر، علاقتنا منذ سنتين ولحد الآن، وكانت نيته الزواج، كنا دائما نتعلم القرآن وأسمعه ما يراجع من القرآن، وأنا أيضا حفظت سورة البقرة وخمسة أجزاء من القرآن بفضل الله، وكان دائما يعلمني، وكذلك ذهبت للعمرة مرتين متتالتين في شهر رمضان الماضي ورمضان الذي قبله، وعندما كنت بالعمرة في رمضان أصبح لديه مشاكل مع أهله يريدون أن يزوجوه بنت عمه لأن أهله لهم علم بعلاقته معي لكن يرفضون أن يتزوجني.
وقبل 4 شهور تقريبا تكلم مع والدتي لخطبتي، أهلي وافقوا بشرط أن يرضى والده وحضوره لزواجه مني لكن والده رفض بسبب أني غريبة، وأصبح في مشاكل مع أهله لأنهم رفضوا زواجنا، وقبل نحو أسبوع حصلت مشكلة مع والده، ووالده أقسم على والدته إذا تزوج مني وحصلت مشاكل كبيرة، وذهب يسأل شيخا ماذا نفعل؟ فقال له إما أن تصبروا على المشاكل أو الطلاق.
علماً أننا تعاهدنا على الزواج عند زوال المعوقات، وأنا أقسمت على نفسي أن لا أتزوج رجلا غيره وهو كذلك.
كان يناديني بزوجتي وأنا أناديه زوجي، وأصبحنا في حكم المتزوجين في كلامنا ومناجاتنا، وكذلك دار بيننا كلام من الأمور العامة إلى حديث الفراش وما يدور بين الأزواج، وتبادلنا الصور المختلفة، بالملابس وبدون الملابس.
وهل يجوز ما نقوم به من الأمور التي ذكرتها؟ وماذا نفعل الآن؟ أريد منكم الإجابة الدقيقة، وأقسم بالله أني لن أتزوج غيره، وأنا أريد التوبة، وأنا من شدة حبي له أريد الله أن يرضى الله عنه ويرضي والديه عليه، وأن تكون علاقته بوالده ووالدته علاقة طيبة لا أقطع علاقتهما بسببي حتى لو كان الثمن شرفي ودماري، لكن لن أسمح أن تتدمر علاقته بأهله بسببي فهم أنجبوه وربوه وابيضت رؤوسهم لحد ما أصبح شابا وفرحوا به، وأنا أقول له أنتظرك إذا ربنا قدر لنا في هذه الدنيا وجمع بيننا وإذا غير ذلك أنا أنتظرك بالجنة بإذن الله.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكل ما حدث من ابتداء الأمر إلى آخره لا يجوز شرعا، فالتواصل بين الفتيان والفتيات محرم شرعا؛ فهو ذريعة إلى الفساد، وما حصل بينك وبين هذا الشاب خير دليل على ذلك، ويتضح فيه تماما ما نبه عليه رب العزة والجلال من استدراج الشيطان الخلق إلى المعاصي والفواحش استدراجا؛ كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}، ولكي يزين هذا العمل يدخل مثل هذه الحيلة بالتسويل بأن هذه العلاقة مبنية على أساس صحيح من التواصي بالحق والعمل على حفظ القرآن ونحو ذلك، وهذه النية الصالحة لا تحسن العمل الذي يكون سيئا في أصله من جهة الشرع. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 30003، والفتوى رقم: 4220.

ومناداته لك بيا زوجتي أو مناداتك له بيا زوجي لا يجعلكما زوجين شرعا، فالزواج يقوم على شروط وأركان لا يتحقق إلا بها، ومن ذلك صيغة الإيجاب والقبول وإذن الولي وحضور الشهود إلى غير ذلك، ويمكنك مطالعة الفتوى رقم: 1766. فاعتبار كل منكما الآخر زوجا أمر منكر ترتب عليه مثل هذه المنكرات من إبداء العورات ونحو ذلك، فيجب عليكما التوبة النصوح وقطع هذه العلاقة فورا. وراجعي شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450.

وأما الزواج فإن أمكنه إقناع أهله بالزواج منك فذاك، وإلا فالأصل أن طاعته والده مقدم على زواجه منك إلا أن تعارض ذلك مصلحة راجحة؛ كما بينا في الفتوى رقم: 93194، وإذا لم يتيسر زواجه منك فلا تتبعيه نفسك، وسلي الله أن ييسر لك زوجا صالحا، فالله عز وجل أعلم بعواقب الأمور، قال عز وجل: وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، هذا مع العلم بأنه لا حرج شرعا في أن تبحث المرأة عن الرجل الصالح في إطار أدب الشرع؛ كما هو مبين في الفتوى رقم: 18430.

وننبه إلى أنه ليس للوالد أن يجبر ولده على الزواج من امرأة لا يرغب في الزواج منها، ولا يجب عليه طاعته في ذلك، فليس هذا من الطاعة في المعروف؛ لكون الزواج تتعلق به مصلحة الولد، وإذا وجد فيه ضرر عاد إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني