الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب الإمام مالك في رفع اليدين

السؤال

هل إن قول الإمام مالك إن الرفع في غير تكبيرة الإحرام ليس الأصل أي السنة وإنما هو فرع صحيح
وذلك لأن عمل أهل المدينة استقر على عدم الرفع وهذا العمل أقوى من أي دليل حيث يعني أنه هو ما داوم عليه الرسول ومات عليه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد استفاضت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم برفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام، وهذا مذهب أحمد والشافعي وإحدى الروايتين عن مالك، فإنه ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر وغيره من الصحابة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع، ولا يفعل ذلك في السجود. قال ابن القيم في زاد المعاد: وروى رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة نحو من ثلاثين نفساً، واتفق على روايتها العشرة، ولم يثبت عنه خلاف ذلك البتة، بل كان ذلك هديه دائماً إلى أن فارق الدنيا. وعن ابن عمر أنه كان يرفع يديه إذا قام من الركعتين.. ويرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري. وما ذكر في السؤال عن الإمام مالك أنه قال في رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام ليس الأصل أي السنة...... إلخ، والاحتجاج على ذلك بعمل أهل المدينة فالجواب عنه من وجهين: الوجه الأول: أن هذه العبارة المنسوبة إلى الإمام رحمه الله، لم نجدها في ما بين أيدينا من مراجع المذهب المالكي، ولكن جاء في المدونة، أن مالكاً رحمه الله قال: لا أعرف رفع اليدين في شيء من تكبير الصلاة، لا في خفض ولا في رفع؛ إلا في افتتاح الصلاة..... قال ابن القاسم: وكان رفع اليدين عند مالك ضعيفاً إلا في تكبيرة الإحرام. وواضح من هذا أن الإمام رحمه الله، إنما نفى علمه برفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام ولم ينف أن لذلك أصلاً، وما قدمنا من الأحاديث يثبت أن لرفع اليدين أصلاً بل هو السنة، والمثبت مقدم على النافي، فكيف والرواية الأخرى عن مالك تثبت سنة الرفع في المواضع التي جاءت بها الأحاديث، وقد نقل الدسوقي عن صاحب التوضيح: الظاهر أنه يرفع يديه عند الإحرام والركوع والرفع منه والقيام من اثنتين لورود الأحاديث الصحيحة بذلك. الوجه الثاني: أن كون عمل أهل المدينة حجة إنما هو في زمن الصحابة، وأما عملهم بعد موت الصحابة فلا فرق بينه وبين عمل غيرهم، وهذا قول المحققين من أصحاب مالك، فقد نقل شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى عن القاضي عبد الوهاب أن هذا العمل بعد الصحابة ليس حجة ولا إجماعاً عند المحققين من أصحاب مالك، وإذا كان الأمر كذلك فالسنة هي التي تحكم بين الناس لاعمل أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن رفع اليدين في المواضع التي جاءت في تلك الأحاديث سنة من سنن الصلاة، فوجب الانقياد لذلك ولو خالفه العمل المتأخر لأهل المدينة، ومن هذا تعلم أن الصواب هو سنية الرفع في المواضع التي جاءت بها السنة، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 21806. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني