الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في جني العنب المراد لعصر الخمر

السؤال

في الصغر كنت أعمل في جني العنب، مع العلم أنني كنت أعلم أنه ذاهب لصناعة الخمر، وكنا نعمل من أجل توفير الأموال، وحاليًّا أسترزق من الحلال، وأسمع أو أقرأ أن بعض الجرائم حصلت في جلسة خمر، كجريمة قتل مثلًا، فهل من يجني العنب ويعلم أنه ذاهب لصناعة الخمر مشارك في الجريمة؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد نص أكثر أهل العلم على حرمة العمل فيما فيه إعانة على شرب الخمر، ومن ذلك جني العنب المراد لعصر الخمر منه، أو حمله، أو بيعه؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

قال ابن قدامة: وهذا نهي يقتضي التحريم، وقوله صلى الله عليه وسلم: لعنت الخمرة على عشرة، لعنت الخمرة بعينها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، وشاربها، وساقيها ـ رواه أحمد، وابن أبي شيبة. عن ابن سيرين: أن قيمًا كان لسعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ في أرض له فأخبره عن عنب أنه لا يصلح زبيبًا، ولا يصلح أن يباع إلا لمن يعصره، فأمره بقلعه، وقال: بئس الشيخ أنا إن بعت الخمر.

وعلى هذا؛ فعملك في جني العنب المقصود للخمر لا يجوز، لكن إن كان ذلك قبل بلوغك، فلا إثم عليك فيه؛ لرفع القلم عن الصبي حتى يحتلم؛ لما روته أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد، وأصحاب السنن، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.

وإن كان ذلك حصل منك بعد بلوغك مع علمك بحرمته، فيكفيك أن تندم على ذلك، وتستغفر منه، وتعزم ألا تعود إليه.

وأما مسألة الجرائم التي تشاهدها الآن بسبب شرب الخمر: فلا يلحقك بسببها إثم، وهذا أقرب إلى الوسوسة، فأعرض عنه، واستقم كما أمرت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني