الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب إخبار الخاطب بالوسواس القهري الشديد؟

السؤال

فتاة تبلغ من العمر 32 عاما تقدم لخطبتها شاب وهي تعاني من مرض الوسواس القهري، فهل تخبره بذلك ومتى؟
مرض الوسواس الذي تعاني منه ـ منذ خمسة أعوام ـ كما شخصه الأطباء يجعلها تستغرق وقتا طويلا في الصلاة ما يقرب من ساعة كاملة لصلاة الظهر مثلا وساعة ونصف لصلاة العشاء وهكذا، هي أيضا مصابة بوسواس في الطهارة قد تغتسل عدة مرات في اليوم الواحد وقد تتوضأ للصلاة الواحدة خمس مرات متتالية مما يجعلها تقضي أغلب النهار في محاولات متصلة للوضوء والصلاة، فما إن تفرغ من صلاة الظهر حتى تبتدئ الاستعداد لصلاة العصر بالوضوء المتكرر وهكذا مما يستغرق وقتا طويلا، وهذا الأمر جعلها عصبية متقلبة المزاج تنهر من حولها بما فيهم والديها وتطلب منهم الإنصات وعدم الكلام في الهاتف ونحوه حتى تفرغ من صلاتها خاصة إذا ضاق بها وقت الصلاة واقترب موعد الصلاة التالية، وفي الليل تنام نوما طويلا متصلا قد يصل إلى عشر ساعات يوميا، وبطبيعة الحال لا وقت لديها لأعمال المنزل وخلافه أو تفقد من حولها.
هذه الفتاة تسير على برنامج علاجي بعد استشارة العديد من الأطباء النفسيين وتتناول عدة عقاقير منها:Faverin 100 mg, -PK-Merz – Lustral 50mg – Congitol 2mg – Brexin 100 – Anapramine بجرعات متوسطة
السؤال هو: هل يجب على هذه الفتاة أن تخبر خطيبها بحقيقة حالتها كاملة ومتى يجب أن تخبره؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان حال المرأة كما ذكرت فالذي يظهر لنا وجوب بيان هذا المرض للخاطب، لأنّ شدة الوسواس على هذا النحو تجعله عيباً منفراً لا تستقيم معه الحياة الزوجية، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن كل عيب يحصل به نفور الطرف الآخر فهو موجب للفسخ، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: والقياس: أن كُلَّ عيب ينفِرُ الزوجُ الآخر منه، ولا يحصُل به مقصودُ النكاح مِن الرحمة والمودَّة يُوجبُ الخيارَ. زاد المعاد في هدي خير العباد - (5 / 183).

وبعض أهل العلم ألحقوا الوسواس الشديد بالجنون في العيوب التي يثبت بها الخيار، فقد جاء في النتف في الفتاوى للسغدي (الحنفي): فَأَما الَّذِي هُوَ فَاحش مثل مَا يكون فِي الْمَجْنُون والموسوس والمجذوم والمنقطع فان الْمَرْأَة لَهَا الْخِيَار فِي قَول مُحَمَّد وأبي عبد الله.
وقال المرداوي الحنبلي ـ رحمه الله ـ: ونقل حنبل: إذا كان به جنون أو وسواس، أو تغير في عقل، وكان يعبث ويؤذي: رأيت أن أفرق بينهما. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 199)
والواجب أن يكون بيان هذا العيب قبل عقد النكاح، لكن الأولى أن يكون البيان بمجرد الخطبة قطعاً للنزاع.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 124445، والفتوى رقم: 276538.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني