الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالات جواز فسخ الإجارة وعدمه وما ينبني عليه من أحكام

السؤال

أجرنا منزلنا بسوريا لمدة 6 أشهر، وأخذنا الإيجار، وبعد شهر تقريبا ضربت البناية بصاروخ، ولم يهدم المنزل، حيث قلعت الشبابيك وكسر الباب، وتضرر الطابق الذي تحت منزلنا، والطابق الأسفل هدم به جدار، والمستأجرون لمنزلنا خرجوا منه، ويطالبوننا بإعادة المال، فهل تجب إعادته إليهم مع أن العقد كان لمدة 6 أشهر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجمهور الفقهاء متفقون على أن عقد الإجارة عقد لازم من الطرفين، وأنه ليس لواحد منهما فسخه إذا وقع صحيحا خاليا من خيار الشرط والعيب والرؤية، ويترتب على ذلك ملك المؤجر للأجرة وملك المستأجر للمنفعة، وأنه لا ينحل عقد الإجارة إلا بانتهاء المدة، أو بانقضاء الغرض المستأجر له العين في بعض الحالات، أو بوجود سبب من أسباب فسخه، وانظري الفتوى رقم: 46107.

والعيوب الطارئة على العين المؤجرة منها ما هو مؤثر ومانع من الاستخدام، ومنها ما هو دون ذلك، ويرجع في تحديد ذلك لأهل الاختصاص، فإذا كان ما حصل للمنزل مؤثر فيه بحيث لم يعد صالحا للاستخدام، فإن هذا يعطي المستأجر الحق في فسخ الإجارة، وفي هذه الحالة يلزمكم أن تردوا إليه ما يقابل الفترة المتبقية من المدة، جاء في زاد المستقنع: وَإِنْ وَجَدَ العَيْنَ مَعِيبَةً، أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ، فَلَهُ الفَسْخُ، وَعَلَيْهِ أجْرَةُ مَا مَضَى. اهـ.

وأما إن كان ما حصل للمنزل ليس مؤثرا ولا مانعا من استغلاله، أو مفوتا الغرض من استئجاره، فليس للمستأجر الفسخ؛ ولكن له أن يطالب بإصلاح ما تضرر من ذلك، جاء في شرح زاد المستقنع للشنقيطي: لو قال قائل: إن في الدار ثقب يسير في الجدار، فهذا عيب لكنه ليس بعيب مؤثر، وهكذا لو أنه وجد ماسورة تسرب الماء ويمكن إصلاحها، فنقول للمؤجر: أصلح الماسورة، ويمضي العقد، لأن القاعدة تقول: الإعمال أولى من الإهمال ـ ولذلك تفرع على هذه القاعدة القول: إعمال الأصول بما أمكن، فإذا عقد إجارة بين طرفين، فلا نتعرض للفسخ إلا بعيب مؤثر، لأن الأصل في الشرع عندنا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1} فالله ألزم الطرفين وأوجب على المتعاقدين أن يتما صفقتهما بعقد الإجارة وغيره، وعلى هذا نقول: ليس من حق أحد أن يفسخ هذا العقد أو يعطي الخيار بفسخه للمستأجر إلا إذا كان العيب مؤثراً، والعيب هنا غير مؤثر، وهكذا لو أنه جاء فوجد بلاطة -مثلاً من الأمثلة- اقتلعت في الدار، فقال: العلماء يقولون: العيب يوجب الفسخ، وهذا عيب، فافسخوا عقد الإيجار، نقول: لا، هذا عيب يمكن تلافيه وتداركه، فليس كل عيب يوجب الفسخ. اهـ.

ويقول ابن عثيمين: لو قال المؤجر: أنا أزيل العيب الآن بدون ضرر عليك، فهنا نقول: ليس له الفسخ، ما دام العيب سيزال بدون ضرر عليه، فإنه لا فسخ له، لأنه لن يفوته شيء. اهـ.

وراجعي لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 278272.

ومما تقدم يُعلم أن العيب الذي حصل للمنزل إذا لم يكن مؤثرا فليس لمن استأجروا منزلكم فسخ العقد والمطالبة بإعادة المال الذي دفعوا بسبب ما حصل في المنزل، وإنما لهم أن يطالبوا بالإصلاح فحسب، فإذا قمتم بالإصلاح فلا إشكال، وإذا رفضتم ذلك، فلا يمكن جبركم عليه، لكن يكون لهم في هذه الحالة الخيار في فسخ العقد إن شاءوا، وانظري الفتويين رقم: 47143، ورقم: 119057.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني