الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المقصود بالحسن الذي يزداده أهل الجنة إذا أتوا سوقها؟

السؤال

قرأت أن هناك سوقًا في الجنة يذهب إليه أهل الجنة كل جمعة، فتأتي إليهم ريح فيها، فتزيدهم حسنًا وجمالًا، فكيف يحدث هذا؟ أي: هل يزدادون حسنًا وجمالًا في الملبس، أم الهيئة، أم الصور تتبدل إلى الأفضل؟ وهل إذا طلب صورة من الرجال أو النساء دخل فيها؟ وما المقصود بالصور التي في سوق أهل الجنة؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة لسوقًا، يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال، فتحثو في وجوههم، وثيابهم، فيزدادون حسنًا وجمالًا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنًا وجمالًا، فيقول لهم أهلوهم: والله، لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالًا. فيقولون: وأنتم، والله، لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالًا.

والحديث ظاهر في أن الحسن الذي يزداد منه أهل الجنة أنه حسن في صورهم، وخلقتهم، وليس في الملبس فحسب، قال ابن هبيرة: في هذا الحديث ما يدل على أن نعيم الجنة لا يزال أبدًا في الزيادة، وهذه السوق التي ذكرت فيها فهي من ذلك؛ لأنها زيادة على نعيمهم، وليست بسوق بيع، ولا شراء، وإنما جعلت سوقًا من حيث إن السوق موضوع للمرابحة، فهؤلاء يربحون فيها، ويعودون وقد ربحوا من بيوتهم أيضًا ذلك الحسن في الزوجات، وهذا يدل على أن أهل الجنة يزدادون في كل لحظة حسنًا إلى حسنهم، وجمالًا إلى جمالهم زيادة لا تزال تنمي بنفس خروجهم إلى تلك السوق، ومقامهم فيها، يزيد نساؤهم وأهلوهم حسنًا في تلك الساعة. اهـ. من الإفصاح.

وقال ابن تيمية: قد جاء في أحاديث أخر أن السوق يكون بعد رؤية الله سبحانه، كما أن العادة في الدنيا أنهم ينتشرون في الأرض، ويبتغون من فضل الله بعد زيارة الله، والتوجه إليه في الجمعة.

وما في هذا الحديث من ازدياد وجوههم حسنًا وجمالًا لا يقتضي انحصار ذلك في الريح، فإن أزواجهم قد ازدادوا حسنًا وجمالًا، ولم يشركوهم في الريح؛ بل يجوز أن يكون حصل في الريح زيادة على ما حصل لهم قبل ذلك، ويجوز أن يكون هذا الحديث مختصرًا من بقية الأحاديث بأن سبب الازدياد "رؤية الله تعالى" مع ما اقترن بها.

وعلى هذا؛ فيمكن أن يكون "نساؤهم المؤمنات" رأين الله في منازلهن في الجنة "رؤية" اقتضت زيادة الحسن والجمال -إذا كان السبب هو الرؤية، كما جاء مفسرًا في أحاديث أخر- كما أنهم في الدنيا كان الرجال يروحون إلى المساجد فيتوجهون إلى الله هنالك، والنساء في بيوتهن يتوجهن إلى الله بصلاة الظهر؛ والرجال يزدادون نورًا في الدنيا بهذه الصلاة، وكذلك النساء يزددن نورًا بصلاتهن كل بحسبه. اهـ.

وفي مصنف ابن أبي شيبة عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: والذي أنزل الكتاب على محمد، إن أهل الجنة ليزدادون جمالًا وحسنًا، كما يزدادون في الدنيا قباحة وهرمًا.

وأما ما يتعلق بسؤالك: (وهل إذا طلب صورة من الرجال أو النساء دخل فيها؟ وما المقصود بالصور التي في سوق أهل الجنة؟): فقد سبق أن ذكرنا الحديث الوارد في هذا المعنى، وبيّنّا ضعفه، والمراد به، وذلك في الفتوى رقم: 270778، فراجعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني