الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعول عليه في الحكم على الأحاديث المختلف في صحتها

السؤال

في السؤال رقم: 314098 بالنسبة للحديث، هل أقطع وأجزم بأنه قطعي الثبوت بألفاظ "كلها في النار"؟ وأن القول بضعف هذه الزيادة من كل الطرق قول بعيد وضعيف جدًّا، حيث لا يجب بعد ذلك اعتقاد أن ألفاظ "كلها في النار" -جميع الألفاظ- أنها ألفاظ أو زيادات ظنية الثبوت أم هناك مجال لهذا الاعتقاد في هذه الألفاظ أو الزيادات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فحديث الافتراق قد صححه كثير من أئمة الحديث قديمًا وحديثًا؛ كالترمذي، والحاكم، وابن تيمية، والشاطبي، والذهبي، وابن كثير، وابن حجر، وضعفه آخرون؛ كابن حزم، والشوكاني، وإن كان الصواب تصحيحه، كما ذكر ذلك الشيخ/ الألباني في بحث مهم في سلسلة الأحاديث الصحيحة. وقد ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 52059.

وأما مسألة القطع بصحته فتختلف من حديث إلى آخر بحسب القرائن المحتفة بالحديث، وتختلف بحسب المستدل والناظر في تصحيح الحديث، فإن رأى أن القرائن تفيد القطع والجزم بصحته كان له القول بأن هذا الحديث قطعي الثبوت، ولا يكون هذا القطع والجزم في مثل هذه الأحاديث المختلف في صحتها إلا لمختص بهذا العلم، وأما المقلد فلا يتأتى منه تصحيح الأحاديث، فضلًا عن الجزم بصحتها دون الاعتماد على أقوال العلماء المختصين بالحديث، وإنما فرضه سؤال من يثق في علمه من العلماء وتقليده.

قال ابن القيم -رحمه الله- في مختصر الصواعق المرسلة: خَبَرُ الْوَاحِدِ بِحَسَبِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ، فَتَارَةً يُجْزَمُ بِكَذِبِهِ لِقِيَامِ دَلِيلِ كَذِبِهِ، وَتَارَةً يُظَنُّ كَذِبُهُ إِذَا كَانَ دَلِيلُ كَذِبِهِ ظَنِّيًّا، وَتَارَةً يُتَوَقَّفُ فِيهِ فَلَا يَتَرَجَّحُ صِدْقُهُ وَلَا كَذِبُهُ إِذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ أَحَدِهِمَا، وَتَارَةً يَتَرَجَّحُ صِدْقُهُ وَلَا يُجْزَمُ بِهِ، وَتَارَةً يُجْزَمُ بِصِدْقِهِ جَزْمًا لَا يَبْقَى مَعَهُ شَكٌّ. انتهى.

وقال أيضًا في نفس المصدر: كَوْن الدَّلِيلِ مِنَ الْأُمُورِ الظَّنِّيَّةِ أَوِ الْقَطْعِيَّةِ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُدْرِكِ الْمُسْتَدِلِّ، لَيْسَ هُوَ صِفَةً لِلدَّلِيلِ فِي نَفْسِهِ، فَهَذَا أَمْرٌ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ عَاقِلٌ، فَقَدْ يَكُونُ قَطْعِيًّا عِنْدَ زَيْدٍ مَا هُوَ ظَنِّيٌّ عِنْدَ عَمْرٍو. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني