الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية صرف الأفكار والوساوس الكفرية عن النفس

السؤال

لدي أفكار وصور تبقى متسلطة بحيث تصبح اعتقادًا داخليًّا لا أستطيع التخلص منها، فما العمل لأكون متوكلًا على الله تعالى حق التوكل من داخلي برغم وجود هذه الأفكار المزعجة؟
وجزاك الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه الأفكار والصور التي تتخيلها من وساوس الشيطان، وسبب هذه الوساوس هو استرسالك معها، واستسلامك لها، وعدم مجاهدتك نفسك في تركها والإعراض عنها، وقد بيّنّا مرارًا وتكرارًا أن أفضل علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله والتوكل عليه هو: الإعراض عنها، وعدم الاكتراث بها، ولا الالتفات إلى شيء منها.

ولا يؤاخذ المسلم على مثل هذه الوساوس التي يجدها في صدره، بل إن في كراهيته لها دليلًا على صحة إيمانه؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى: وكثيرًا ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق، ثم يتوب الله عليه، وقد يرد على قلبه بعض ما يوجب النفاق ويدفعه الله عنه، والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان، وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما قال الصحابة: يا رسول الله، إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان. وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به، قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.

أي: حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه، فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحًا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها، فخلص الإيمان صريحًا، ولا بد لعامة الخلق من هذه الوساوس، فمن الناس من يجيبها فيصير كافرًا ومنافقًا، ومنهم من غمرت قلبه الشهوات والذنوب، فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين، فإما أن يصير مؤمنًا، وإما أن يصير منافقًا. انتهى.

ومما يعين العبد على تحقيق التوكل على الله وتقويته: أن يعلم أن الله تعالى مطلع عليه، يسمع ويرى، ولا يخفى عليه شيء من أمره، كما قال تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {الشعراء:220:217}.

قال ابن القيم -رحمه الله-: وَإِنَّمَا يَقْوَى الْعَبْدُ عَلَى التَّوَكُّلِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ الْحَقَّ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ وَيَرَى مَا هُوَ فِيهِ. انتهى.

وراجع الفتوى رقم: 169971.

وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 51601، 70476، 203125.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني