الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تتزوج بمن أحبته عن طريق شبكات التواصل أم بمن تقدم لها ولا تحبه؟

السؤال

سيدي الفاضل، لم أعرف أين أذهب وأسأل سوى موقعكم؛ لثقتي به، وأريد أن أستشيرك فحيرتي في أمري أتعبتني.
أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عامًا، تعرفت على شاب من خلال الإنترنت، وأعلم أنه أمر محرم، ولكني قد وقعت فيه، وظللت أتحدث معه ما يقارب الثلاث سنوات، وهو صادق معي، ويريد الزواج بي، حتى أنه أرسل رسالة إلى أمي، واتصل بوالدي، ولكن بحكم أنه من الجزائر، وأنا من السعودية، قال له والدي: إن أردت ابنتي فلن أرسلها إلى هناك، إن أردتها تعال واعمل هنا في السعودية.
وأنت تعلم -يا شيخ- كم من الصعب على الأجنبي أن يأتي للعمل هنا، وكم سيكلفه ذلك، ومادته لا تساعده، وطبعًا أهلي لم يأخذوا كلامه على محمل الجد، ولم يفكروا حتى بصدق نيته في المجيء.
لدي أخت متزوجة، وأخو زوجها عرض على أهلي الزواج بي، وأهلي فرحوا كثيرًا بالأمر، وأصبحت أرى السعادة على وجوههم، وهم يقولون: القرار عائد إليك. وأنا أعلم أني إن رفضت فسوف أحزنهم، ولكن على أي حال القرار بيدي، ولا أعلم ماذا أختار؟! ولقد استخرت الله.
يا شيخي الفاضل، قلبي أحب ذلك الرجل، فكيف أتزوج الآن؟! قد يمضي بي العمر أكثر ولا أتزوج به -والله أعلم-، وقد أتزوج بهذا وأندم لعدم حبي له، فماذا أفعل؟!

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على ثقتك بموقعنا، وحرصك على استشارتنا، فنسأل الله تعالى أن ينفعك بهذا الموقع، وأن يجعلنا عند حسن ظنك.

واعلمي أنه تجب عليك التوبة مما كان بينك وبين هذا الشاب من علاقة عاطفية طيلة هذه السنوات، فالإسلام يحرم ذلك، وقد كان اتخاذ الأخدان من أخلاق الجاهلية، فنهى الله عنه، قال تعالى: وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ {النساء:25}. وراجعي شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450.

وإذا أمكن زواجك من هذا الشاب كان حسنًا؛ لما ثبت في سنن ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لم ير للمتحابين مثل النكاح".

ويبدو أن هنالك كثيرا من العقبات في زواجك منه قد يصعب تجاوزها حسب الواقع، هذا بالإضافة إلى أنه لا ينبغي أبدًا تزكيته لمجرد ما كان يدور بينك وبينه من كلام، وهذا يجعل من الصعب معرفة حقيقة أمره؛ لأن هذا لا يُعرف إلا ممن خالطه وعرف مدخله ومخرجه. ومن هنا فإننا نوصيك بصرف قلبك عنه، وقطع الطمع في زواجك منه، وراجعي الفتوى رقم: 9360، ففيها بيان وسائل علاج العشق.

وأما الشاب الآخر: فلك الحق في رفضه إن لم ترغبي فيه، فلا يجوز للأب إجبار ابنته البكر البالغ على الراجح من أقوال الفقهاء، كما بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 106354. ولكن إن كان صاحب دين وخلق وارتضاه لك أبواك زوجًا، فنرجو أن يبارك لك في الزواج منه، فالغالب في الوالدين الشفقة على ابنتهم، والحرص على ما فيه مصلحتها، والبر بهما من أسباب الخير والبركة. ونوصيك بالاستخارة، فحقيقة الاستخارة تفويض الأمر إلى الله تعالى يختار لعبده ما هو أفضل له، وراجعي في الاستخارة الفتوى رقم: 123457.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني