الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ساهمت في بناء المنزل ثم ادّعى زوجها أن ما ساهمت به نظير سماحه لها بالعمل

السؤال

حدثت خلافات بيني وبين زوجي، وأصبحت أكره العيش معه، ولديّ ثلاثة أولاد، وقد تقبل أن يتم الطلاق، ولكنه لا يريد أن يعطيني شقة لأسكن فيها أنا وأولادي، مع العلم أن لديه شقتين أخريين غير التي نقيم فيها، ولكنهما غير مجهزتين، ومع العلم أني موظفة، وكل راتبي خلال ١٤ عامًا في المنزل، وجزء من راتبه يسدد به أقساط الشقق الأخرى، فطلبت منه أن يعطيني شقة مقابل ما كنت أضعه، وأن لي حقًّا، فرفض قائلًا: أنا من ساعدتك على إيجاد عمل، وسمحت لك بالعمل، وراتبك هذا مقابل أني سمحت باستقطاع وقت منزلك للعمل، وليس لك شيء، فقلت له: نعم، كنت أضع المال راضية، ولكن لإقناعك أن تشتري شققًا للمستقبل، ويهددني أنه سيتزوج، وإن أنجب فستوزع أملاكه على جميع أولاده، وزوجته الجديدة في حال طلاقنا، وهذه الشقق نتاج مساعدتي له، ووقوفي بجانبه، وهو الآن يتنكر من كل ذلك، ويقول: ليس لك فضل، وليس لك غير مؤخرك، وذهبك، وقيمتك، مع أن لي طفلًا في سن الحضانة، فهل لي حق في أن أتمسك بأن تكون لي شقة، أم لا يحق لي المطالبة ما دمت أعطيت راتبي برضا نفس؟ آسفة على الإطالة، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلو قدر أن وقع الطلاق، ولم يكن لك مسكن، فيلزم زوجك أن يوفر لك مسكنًا، ولو بالأجرة، كما نص على ذلك الفقهاء عند كلامهم عن سكنى الحاضنة، وراجعي كلامهم في الفتوى رقم: 24435.

ومساهمتك في بناء بعض هذه الشقق هل لك الرجوع بها على زوجك أو لا، في ذلك تفصيل بيناه في الفتوى رقم: 121850، والفتوى رقم: 36826.

والأصل فيما اكتسبت من مال أنه حق لك، وانظري الفتوى رقم: 9116، فلا تقبل دعوى زوجك أن ما ساهمت به كان مقابل سماحه لك بالعمل إلا ببينة، فلا يعطى الإنسان بمجرد دعواه، روى مسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه.

والأولى أن تراجع المحكمة الشرعية في أمور المنازعات.

وننبه إلى أنه ينبغي لكما المصير إلى الصلح، وعدم التعجل إلى الطلاق، أو الخلع؛ إذ لا يلجأ إلى ذلك إلا إذا استحالت العشرة، وأصبحت مصلحة الفراق هي الراجحة، ويتأكد النهي هنا بسبب وجود هؤلاء الأولاد، فالغالب أن يكونوا ضحايا لفراق الأبوين، وتشتت الأسرة، قال ابن قدامة في المغني وهو يبين أضرب الطلاق: ومكروه: وهو الطلاق من غير حاجة إليه، وقال القاضي فيه روايتان: إحداهما: أنه محرم؛ لأنه ضرر بنفسه، وزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه، فكان حرامًا، كإتلاف المال، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: [لا ضرر، ولا ضرار]. اهـ.

وتهديده لك بأنه سيتزوج عليك نوع من سوء العشرة، ورب العزة والجلال يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}،.

وتوزيع الأملاك حال الحياة يختلف حكمه باختلاف المقصد، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 219328، والفتوى رقم: 43819، ولمعرفة حكم تفضيل بعض الزوجات بهبة راجعي الفتوى رقم: 152763.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني