الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أيهما أولى بالتقديم الفائتة أم صلاة اليوم الباطلة

السؤال

إذا كان الشخص عليه صلوات يقوم بإعادتها، وأثناء ذلك بطلت صلاة من اليوم الذي هو فيه، فأيهما يقدم إعادة صلاة اليوم أم السير على نفس الترتيب في إعادة الصلوات، ويعيد صلاة اليوم بعد آخر صلاة معادة من الصلوات القديمة؟ وماذا لو كانت هذه الصلوات كثيرة؟
وهل تأخذ الصلاة المعادة بسبب البطلان نفس أحكام الفوائت من الجهر والإسرار وغيرها؟
أطلب سرد أي خلاف (إن وجد) وآراء العلماء بأدلتها (ما أمكن).
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا بطلت تلك الصلاة، ولكن لم يخرج وقتها، فإنه يصليها مقدما لها على الفوائت ما دام في الوقت، وأما إذا لم يتبين بطلانها إلا بعد خروج الوقت فقد صارت هذه الصلاة فائتة، ومن ثم فحكم الترتيب بينها وبين ما عليه من صلوات فوائت سواها قد جرى فيه خلاف مشهور لأهل العلم، والذي نرجحه أن الترتيب بين الفوائت غير واجب، وهو قول الشافعية، وانظر الفتوى رقم: 127637، وعلى هذا القول الذي نرجحه فإن شاء صلى هذه الصلاة أولًا، وإن شاء قدم غيرها من الفوائت عليها، ولكن مراعاة الترتيب مستحبة خروجا من الخلاف، ومن العلماء من يوجب الترتيب بين هذه الفائتة وغيرها من الفوائت، ومن ثم فإنه يصلي ما عليه من الفوائت أولا فإذا فرغ من قضائها قضى تلك الصلاة التي فاتت أخيرا، وهل هذا شرط في الصحة أم هو واجب تصح الصلاتان المقضيتان إذا ترك مع الإثم؟ في هذا خلاف بين أهل العلم، والمعتمد عند المالكية كونه واجبا غير شرط، جاء في بلغة السالك: (وَ) يَجِبُ تَرْتِيبُ (الْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا) قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ تَرْتِيبًا غَيْرَ شَرْطٍ فَيُقَدَّمُ الظُّهْرُ عَلَى الْعَصْرِ وَهِيَ عَلَى الْمَغْرِبِ وَهَكَذَا وُجُوبًا، فَإِنْ نَكَّسَ صَحَّتْ وَأَثِمَ إنْ تَعَمَّدَ وَلَا يُعِيدُ الْمُنَكَّسَ. انتهى، وعند المالكية قول بالشرطية لكن ما مر هو المعتمد، جاء في التاج والإكليل: اُنْظُرْ مَسْأَلَةً تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فَرَّطَ فِي صَلَوَاتٍ كَثِيرَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَخَذَ فِي قَضَاءِ فَوَائِتِهِ شَيْئًا فشَيْئًا وَقَدْ تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَعَلَيْهِ صُبْحُ يَوْمِهِ، أَوْ تَغْرُبُ الشَّمْسُ وَعَلَيْهِ صَلَاةُ يَوْمِهِ، أَوْ يَنَامُ عَنْ الْعِشَاءَيْنِ فَيَسْتَيْقِظُ وَقَدْ بَقِيَ قَدْرُ مَا يُصَلِّي الصُّبْحَ، هَلْ يُسْتَحْسَنُ أَنْ يَتْرُكَ النَّاسَ وَمَا هُمْ الْيَوْمَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ يُغَيِّبُونَ نَظَرَهُمْ عَنْ الْفَوَائِتِ الْقَدِيمَةِ ويبدؤون بِقَضَاءِ هَذِهِ الْفَائِتَةِ الْقَرِيبَةِ وَيُقَدِّمُونَهَا عَلَى الْفَوَائِتِ الْكَثِيرَةِ الْقَدِيمَةِ فَإِنَّ الذِّمَّةَ تَبْرَأُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَرُبَّمَا إنْ لَمْ يُقَدِّمُوهَا عَلَى الْفَوَائِتِ الْقَدِيمَةِ يَتَكَاسَلُوا عَنْ الِاشْتِغَالِ عِوَضَهَا بِشَيْءٍ مِنْ فَوَائِتِهِمْ الْقَدِيمَةِ، وَانْظُرْ آخِرَ الْعَوَاصِمِ مِنْ الْقَوَاصِمِ فَإِنَّهُ يُرَشِّحُ هَذَا الْمَأْخَذَ. انتهى.

وإذا علمت هذا فإن تلك الصلاة إذا صارت فائتة بأن تبين بطلانها بعد خروج الوقت، فحكمها حكم سائر الفوائت في جميع الأحكام من الجهر والإسرار وغير ذلك، وانظر الفتوى رقم: 178233.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني