الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء بحصول ما عند الآخرين من مال ووظيفة وعلم وأخلاق

السؤال

ما حكم قول: يا رب ارزقني مثل فلانة أو فلان أعجبني جماله، وأسلوبه، واحترامه، وأخلاقه، وطيبته، وعلمه، وثقافته، وغيره، البيت، والمال أو الوظيفة، كل شيء يحقق حلمًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا مانع من الدعاء بذلك، فغايته أنه دعاء بشيء معين من أمور الدين أو الدنيا، فمثلًا قولك: اللهم إني أسألك مثل وظيفة فلان. هو كقولك: أسألك أن أكون مهندسًا أو طبيبًا أو كذا بحسب وظيفته. وهذا مما لا بأس به من الدعاء؛ أخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن عمر قال: إني لأدعو في كل شيء من أمري حتى أن يفسح الله في مشي دابتي حتى أرى من ذلك ما يسرني.

وجاء في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ عِيسَى ... وَكَانَتْ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهُ. فَتَرَكَ ثَدْيَهَا، وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمَصُّ إِصْبَعَهُ، ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ. فَتَرَكَ ثَدْيَهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا. فَقَالَتْ: لِمَ ذَاكَ؟! فَقَالَ: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ، وَهَذِهِ الْأَمَةُ يَقُولُونَ: سَرَقْتِ، زَنَيْتِ. وَلَمْ تَفْعَلْ.

قال في دليل الفالحين: (فقلت: اللهم اجعلني مثلها) أي: في السلامة من الذنب، والبراءة من وصمته. انتهى.

ولم ينكر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الدعاء، وجاء في ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي: حكي عن شيخ الإسلام أبي الفضل ابن حجر أنه قال: شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ. انتهى.

وإن كنا ننصحك أن تسألي الله العافية والخير والرزق عمومًا، فقد يصلح لفلان ما لا يصلح لك، لا سيما في الأمور الدنيوية، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 261694.

وجاء في تفسير ابن كثير: وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: قوله: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} قال: ولا يتمنى الرجل فيقول: "ليت لو أن لي مال فلان وأهله!" فنهى الله عن ذلك، ولكن يسأل الله من فضله. انتهى.

وانظري الفتوى رقم: 104292.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني