الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعاء الله تعالى بأسمائه الحسنى أقرب إلى الإجابة من الدعاء بدونها

السؤال

هل يفرق الدعاء بأسماء الله الحسنى عن الدعاء بدونها حيث إنه من المعروف أن الدعاء باليقين يجاب الدعاء؟ أم أن الدعاء بأسماء الله الحسنى يجيب أشياء لا تجاب بدونها؟
سؤالي الثاني: هل القديم من أسماء الله الحسنى؟ وما معناه؟ وما معنى العظمة في اسم الله العظيم؟
آسف على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن دعاء الله تعالى بأسمائه الحسنى والتوسل إليه بصفاته العلى أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد منهما، فقد أمرنا الله تعالى أن ندعوه بأسمائه الحسنى؛ فقال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا {الأعراف:180}، وفي الحديث المرفوع: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
والدعاء بغيرها جائز ومجاب كما وعد الله تعالى عباده بقوله: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}، ولكنه بالأسماء الحسنى أفضل وأقرب إلى الإجابة ـ كما أشرنا ـ وقد قال الإمام ابن القيم في الصواعق المرسلة: ولهذا كان أفضل الدعاء وأجوبه ما توسل فيه الداعي إليه بأسمائه وصفاته. انتهى.

أما "القديم" فقد عده بعض المتكلمين من أسماء الله الحسنى، وهو ليس كذلك؛ لأن أسماء الله تعالى توقيفية؛ فلا يسمى الله تعالى إلا بما سمى به نفسه في محكم كتابه أو على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا الاسم لم يرد في الكتاب ولا في السنة، وإنما ورد فيهما "الأول" قال الله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {الحديد:3}، قال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية عند قوله: "قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء" هو معنى اسمه الأول والآخر... وقد أدخل المتكلمون في أسماء الله تعالى (القديم) وليس هو من أسماء الله تعالى الحسنى.
ولكن يجوز أن يطلق عليه سبحانه وتعالى من باب الإخبار عنه، قال ابن القيم في بدائع الصنائع: ما يطلق عليه ـ على الله تعالى ـ في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه؛ فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية... ومن هذا الباب ـ باب الإخبار ـ ما ذكره شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: أن الإمام أحمد إمام أهل السنة والجماعة علم بعض أصحابه أن يقول: يا دليل الحيارى دلني على طريق الصالحين. ولم يرد في الكتاب ولا في السنة أن من أسماء الله (دليل الحيارى).
ومعنى "القديم" الأزلي: الذي لم يسبقه عدم.
ومعنى العظمة في اسم الله تعالى "العظيم" هو أنه ذو العظمة والجلال الذي لا يعجزه شيء ولا يمتنع عليه شيء؛ جاء في كتاب الأسماء والصفات للبيهقي "الْعَظِيمِ: الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِامْتِنَاعُ عَلَيْهِ بِالْإِطْلَاقِ، وَلَأَنَّ عَظِيمَ الْقَوْمِ إِنَّمَا يَكُونُ مَالِكَ أُمُورِهِمُ الَّذِي لَا يَقْدِرُونَ عَلَى مُقَاوَمَتِهِ وَمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ... وَاللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَادِرٌ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْصَى كُرْهًا أَوْ يُخَالَفَ أَمْرُهُ قَهْرًا، فَهُوَ الْعَظِيمُ إِذًا حَقًّا وَصِدْقًا... قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْعَظِيمُ: هُوَ ذُو الْعَظَمَةِ وَالْجَلَالِ وَمَعْنَاهُ يَنْصَرِفُ إِلَى عِظَمِ الشَّأْنِ وَجَلَالَةِ الْقَدْرِ، دُونَ الْعَظِيمِ الَّذِي هُوَ مِنْ نُعُوتِ الْأَجْسَامِ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني