الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أيهما يُقدَّم في الزواج التدين أم الحب؟

السؤال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاظفر بذات الدين تربت يداك، وقال في حديث آخر: لم ير للمتحابين مثل النكاح، وسؤالي كيف أجمع بين الحديثين؟ فإن أحببت فتاة وهي غير ملتزمة فهل أتزوجها؟ أم أبحث عن المتدينة؟ وما رأيكم بالزواج ممن أحبها إن قبلت بالتدين؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس بين الحديثين المذكورين تعارض، فإنّ الحرص على التزوج بذات الدين لا يتعارض مع التزوج بمن وقعت في قلبه محبتها، فإذا خيّر بين أكثر من امرأة من ذوات الدين، وكان قلبه متعلقاً بواحدة منهنّ فهي أولى، وكذا إذا فاضل بين المحبوبة وبين ذات المال أو الجمال ونحوه فينبغي تقديم المحبوبة، وقد جاء في سبب ورود حديث: لم ير للمتحابين مثل النكاح. ما يدل على ذلك : أخرج أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان في مشيخته، وابن النجار في تاريخ بغداد عن جابر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! عندنا يتيمة قد خطبها رجلان، موسر ومعسر، وهي تهوى المعسر، ونحن نهوى الموسر، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لم ير للمتحابين مثل النكاح . اللمع في أسباب ورود الحديث (ص: 60)
أمّا إذا كانت المفاضلة بين المحبوبة وبين ذات الدين، فالذي ينبغي أن يقدم هو الدين، وراجع الفتوى رقم: 42446.
على أن بعض أهل العلم ذكر احتمالاً في معنى الحديث الثاني أنّه إرشاد إلى التزوج مطلقاً ولو بغير المحبوبة، قال المناوي ـ رحمه الله ـ: الحديث بيان لعلاج العشق وأن من أدويته نكاح المحبوبة ويحتمل أنه إرشاد إلى مداواة العشق بمطلق النكاح ولو بغير من يحبها. التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 106)
فالخلاصة أنّ المعتبر في اختيار الزوجة هو الدين قبل غيره، فإن أحببت امرأة رقيقة الدين، فاتركها إلا إذا رجعت واستقامت على طاعة الله، أما أن تتزوجها على حالها أملاً في صلاحها بعد الزواج، فهذا مسلك غير مأمون العواقب، فالمستقبل علمه عند الله والهداية بيد الله، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: ...وقد يقول بعض الناس: أتزوج امرأة غير دينة لعل الله أن يهديها على يدي، ونقول له: نحن لا نكلف بالمستقبل، فالمستقبل لا ندري عنه، فربما تتزوجها تريد أن يهديها الله على يدك، ولكنها هي تحولك إلى ما هي عليه فتشقى على يديها. الشرح الممتع على زاد المستقنع (12/ 14) .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني