الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطورة الاستمرار في الوساوس وعدم تجاهلها

السؤال

سؤالي هو: هل يجب غسل الفم بعد بصق بقايا الطعام أم يكفي البصق فقط؟ وهل هناك فرق إن كان هناك بقايا طعام كثيرة أو قليلة؟
فأنا أعاني -يا شيخ- من كثرة غسل الفم، والبصق الكثير بعدها، حتى وإن وجدت نقطة صغيرة مع ريقي فأغسل فمي، وأكثر البصق، وأدقق في ذلك البصاق إذا كان فيه شيء أم لا، حتى أني من كثرة البصاق أحيانًا تسقط قطع جلد صغيرة من الفم (أظن أنها قطع من الجلد) لأني أقوم بالعض الخفيف لفمي من الداخل كي يخرج البصاق، وأريد أن أعرف -يا شيخ- هل لا بد من غسل الفم بعد سقوط هذه القطع من الجلد أم يكفي مجّها وبلع الريق بعدها؟
أنا تعبت من كثرة المضمضة والبصق حتى أني أحيانًا أبقى يومًا كاملًا وأنا لا أبلع ريقي، وأحيانًا يغلبني الريق وأبلع الريق الموجود جهة الحلق فقط، ومع العلم أني أبالغ في تنظيف أسناني بالفرشاة والخيط كي لا أقع في هذا المشكل.
المهم سؤالي باختصار: هل لا بد من غسل الفم بعد مجّ بقايا الطعام وقطع الجلد أو أي جماد آخر أم يكفي المج وبلع الريق بعدها دون غسل؟ وماذا لو بلعت هذه القطع من الجلد، وأنا لا أراها، ولا أحس بها، ولكن في الغالب هي موجودة؟ وماذا عليّ أن أفعل إذا كان بلغمي يخرج معه دم؟ وهل أبقى يومًا كاملًا وأنا لا أبلع ريقي؟ وهل هناك فرق بين مجّ الماء من مضمضة الوضوء ومضمضة التنظيف من ناحية البصق؟
أرشدوني -الله يبارك فيكم- فأنا أعاني من صومي كثيرًا، وأريد أن أصوم مثل الناس.
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فواضح جدًّا أنك قد بالغت في الاسترسال مع الوساوس، وقد نصحناك مرارًا بطرح الوساوس وتجاهلها، ونعيد لك النصح بذلك، فلا علاج للوسواس أنفع من تجاهله.

ومن يريد أن يصوم مثل الناس ويتعبد مثلهم، فعليه أن يتوقف عن الانجرار وراء الوساوس التي لا طائل منها، ولتراجعي الفتوى رقم: 51601.

ثم نقول للسائلة إن المضمضة وغسل الفم وتنظيف الأسنان بعد السحور من المستحبات، وليست من الواجبات، وإنما الواجب هو عدم بلع ما يفسد الصوم.

ونقول أيضًا: إن بلع ما بين الأسنان لا يبطل الصوم إلا إذا كان كثيرًا يمكن التحرز منه، وتعمد الصائم بلعه، وانظري الفتوى رقم: 263878.

والسائلة الكريمة قد ذكرت أنها "تبالغ في تنظيف أسنانها بالفرشاة والخيط" ومن شبه المستحيل عادة أن يبقى بعد ذلك طعام يمكن التحرز منه.

وبالتالي؛ فلا داعي لكل ما ذكرت، ولا داعي للتحرز من بلع ريقها أو التدقيق فيه خشية أن يكون مشتملًا على شيء من بقايا الطعام أو مشتملًا على بقايا الجلود التي ذكرت أنها لا تراها ولا تحسها، فهذا من التنطع المذموم شرعًا، وقد جرها ذلك لأن تؤذي نفسها بالعض وغيره، فكل هذا تكلف غير محمود، ودين الله بعيد كل البعد من هذا التكلف، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.

وأما الريق المصحوب بالدم: فالأصل أنه لا يجوز بلعه مع إمكان طرحه، لكن لو كثر عليها، ودام بحيث يشق الاحتراز منه، فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، ولا يفسد به الصوم في قول كثير من أهل العلم، كما بيناه في الفتوى رقم: 77849.

ولا نعلم فرقا بين مجّ الماء في مضمضة الوضوء وبين مجّه لتنظيف الفم سوى أن مضمضة الوضوء -عند بعض الفقهاء- تحصل بأي إدارة للماء في الفم ولو من دون تحريك، وهذا قد لا يكون كافيًا في التنظيف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني