الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

قرأت أنه من الردة اعتقاد أن هناك إلها غير الله، وأن هناك من يعلم الغيب غير الله، وأحيانًا تأتي أفكار في نفسي، مثلًا: عندما تعرف أمي ما أفكر به أقول في نفسي: إنها تعرف الغيب، وإنها الله. ثم أستعيذ بالله، وأقول: لا إله إلا الله عالم الغيب وحده، وقرأت آية (هؤلاء بناتي)، فجاءتني فكرة اعتقدت أن الله هو من يقول هذا، وأن له بنات، فاستعذت بالله، وفزعت كثيرًا، وقرأت آية (خلق الإنسان من صلصال كالفخار) وفي آية أخرى (من تراب)، فأصابني شكّ، واستعذت بالله، لكني سألت أخي، فقال لي: إن من مكوناته التراب والطين والصلصال. أجابني بصراحة.
ومرة كنت مريضة، وقال لي أبي إنه سيقرأ عليّ الرقية، وقال: أنا أعالج كثيرًا من الناس. فجاء في بالي وسواس يقول: والدك هو الله. واستعذت بالله، وقلت: إن أبي سبب، وإنه متزوج وله أبناء، والله تعالى لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا.
والكثير من المواقف المشابهة، فهل حصل مني ردة وكفر؟ أنا أخاف على عقيدتي وديني كثيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دمت تكرهين تلك الوساوس التي يقذفها الشيطان في قلبك فلا تضرك البتة، ولا توجب لك كفرًا، ولا ردة أبدًا. بل إن كراهة وساوس الكفر، ونفور القلب منها -علامة على الإيمان؛ كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان. قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به، فضلًا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا، وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ.

وعلى المسلم إذا وجد مثل تلك الوساوس أن يعرض عنها، وأن يدفعها بالاستعاذة بالله عز وجل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله، ولينته". أخرجه البخاري ومسلم.

ومن سبل دفع الوسوسة قول "آمنت بالله"، كما جاء في الحديث: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئًا، فليقل: آمنت بالله. أخرجه مسلم.

ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- لما سأله رجل عن الوسوسة في الإيمان فقال له: «إذا وجدت في نفسك شيئًا فقل: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {الحديد:3}. أخرجه أبو داود.

وراجعي الفتوى رقم: 12400.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني