الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في الأخذ من مال الولد دون إذنه

السؤال

قرأت الفتوى رقم: 25339، فوجدت فيها تعارضا، أو أنني لم أفهم جيدا، ففي الشرط الرابع لابن القيم قال: من شروط أخذ الأب المال من الابن أن يكون محتاجا للمال، فإن لم يكن محتاجا للمال لا يجوز أن يأخذ منه، وفي الشرط الثالث لابن قدامة قال: يجوز للأب أن يأخذ من الابن كان محتاجا للمال أو غير محتاج، على أن لا يضر بالابن، فهل هذا تعارض؟ وهل يحق للأب أن يأخذ المال من الابن حتى لو لم يكن محتاجا لهذا المال؟ وإن أبيت أن أعطي المال لأبي لعدم حاجته، فهل أأثم؟ وفي الشرط الثالث يقول: لا يجوز أن يأخذ المال من ابنه لإعطائه لابنه الآخر، كما قلنا من الشروط أنه إذا كان الابن محتاجا للمال، فلا يجوز للأب أن يأخذ المال منه، وفي المنطقة عندنا هناك أبناء يتخرجون من الجامعات وعند تخرجهم يحتاجون للبيت والزواج.... لكن آباءهم يقولون لهم نحن ربيناكم... ويأخذون نصف أو ثلث راتب الابن ليدرس به الابن الآخر بحجة، أن الأب هو من درس الكبير... ويأخذ من رابته ليدرس الأبناء الصغار، أو لحاجته إليه ليصرف عليه وعلى البيت.... والابن الكبير أيضا يحتاج لهذا المال للزواج وشراء السيارة وبناء المسكن، فهل إذا رفض أن يعطي المال للأب يكون عاقا؟ وأمي تقول لي عندما تشتغل فسآخذ منك جزءا من الراتب.....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالشروط المذكورة في الفتوى المشار إليها في السؤال ليست من كلام ابن القيم ـ رحمه الله ـ ولكنها مبنية على قول الجمهور الذي يشترط حاجة الأب للأخذ من مال ولده دون إذنه، خلافاً للحنابلة الذين يرون للأب الأخذ من مال ولده ولو بغير حاجة بالشروط المعروفة، قال ابن قدامة رحمه الله: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيرا كان الولد أو كبيرا بشرطين:

أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضرُّ به ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.

الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر... وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته.

وعليه؛ فليس هناك تعارض، ولكنه خلاف بين أهل العلم، وعلى قول الجمهور فلا إثم عليك إذا منعت والدك ما لا يحتاجه من مالك، وعلى كلا القولين ليس للأب أن يأخذ من مال ولده ليعطيه لولد آخر، أو يلزم ولده بالإنفاق عليه في الدراسة الجامعية، علماً بأنّ نفقات الدراسة الجامعية ليست واجبة على الأب فضلا عن الأخ، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 59707.

أمّا إذا احتاج الأب: فله أن يأخذ من مال ولده بقدر حاجته، وإذا احتاج الإخوة إلى النفقة الواجبة ولم يقدر عليها الأب فواجب على الأخ الموسر أن ينفق على أخيه المحتاج على القول الراجح عندنا، وراجع الفتوى رقم: 44020

وبخصوص إنفاق الأب على ولده في الدراسة الجامعية على أن ينفق الولد بعد ذلك على أخيه، إن كان على سبيل الشرط فالظاهر ـ والله أعلم ـ عدم جوازه، لكونه هبة مشروطة وفيها غرر كبير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني