الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات لمن استخارت فتركت فرصة العمل، وتشعر بالعجز والحزن والفراغ

السؤال

أنا طبيبة تخرجت من كلية الطب بتفوق قبل أكثر من عام، وأنهيت فترة التدريب الإجبارية قبل حوالي 6 أشهر، كنت قد حصلت على فرصة عمل قبل أن أنهي التدريب لكني تركتها ـ طبعا بعد الاستخارة ـ لاعتبارات كثيرة كان أهمها أنها لا تناسبني كفتاة نظرا للضغط النفسي والجسدي، تركتها طبعا على أمل الحصول على فرصة أخرى، وهذا ما لم يحدث، علما أني لم أوفر جهدا في البحث والسعي، شعرت بفراغ كبير لأني قد اعتدت على نمط الحياة المزدحم بالدراسة والدوام، حاولت أن أتقرب من الله عز وجل في هذه الفترة واستعنت بالصلاة والدعاء وقراءة القرآن والقراءة والاستماع للمواعظ والعبر والحمد لله شغلت وقتي بذكره، لكني الآن أشعر بالضعف و الفتور والحزن الشديد، أكثر ما يزعجني هو إحساسي بأني قد راكمت عدة قرارات خاطئة ولومي المستمر لنفسي، مع أني كنت أصلي الاستخارة أكثر من مرة قبل اتخاذي لأي قرار، أحاول جاهدة دفع هذه الأفكار ولكنها تغلبني في بعض الأحيان، الأمور لم تجر كما أردتها أبدا، لم أطرق بابا إلا وقد أغلق في وجهي، أشعر بالعجز واليأس، أعرف حكمة الله عز وجل من البلاء وأجر الصبر وحسن الظن بالله، لكني أحتاج أن أسمع منكم ما يثبتني ويعينني، جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنهنئك أولا على تخرجك من الجامعة وإنهائك فترة التدريب، ونسأل الله تعالى أن ينفع بك الإسلام والمسلمين، وقد أصبت حين استخرت ربك في الوظيفة التي عرضت عليك، وحقيقة الاستخارة هي تفويض الأمر إلى الله عز وجل ليختار لعبده أو أمته الخير؛ لكونه علام الغيوب، ولعموم قدرته سبحانه فهو أعلم بعواقب الأمر، وهذا واضح في ألفاظها.

ومن أهم فوائدها أنها تكسب صاحبها الرضا بما قضى الله تعالى وقسم، ومن هنا فإننا نوصيك باستحضار هذه الآية والتسلي بها، نعني قوله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، فبها يمكنك تفويت هواجس الشيطان وخطراته السيئة التي يبتغي منها إدخال الحزن على نفسك والتنكيد عليك، وهذا شأنه مع عباد الله المؤمنين، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: فللشيطان هجمات على القلب يدخل فيها القلق على الإنسان والتعب النفسي حتى يكدر عليه حياته، واستمع إلى قول الله تعالى: (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله) يتبين لك أن الشيطان حريص على ما يحزن المرء كما أنه حريص على ما يفسد دينه، وطريق التخلص منه أن يلجأ إلى ربه بصدق وإخلاص ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لقوله تعالى: (وإما ينزعنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) وليتحصن بالله عز وجل حتى يحميه من هذا الشيطان العدو له، وإذا استعاذ بالله منه ولجأ إلى ربه بصدق وأعرض عنه بنفسه حتى كأن شيئاً لم يكن من هذه الوساوس فإن الله تعالى يذهبه عنه... اهـ.

وقد أحسنت حين أقبلت على نفسك لاستكمال فضائلها بالطاعة والذكر وسماع المواعظ، فاثبتي على ذلك وداومي عليه؛ فإن هذا من أعظم ما يعينك على رد الشيطان وكيده ووساوسه، ويعينك أيضا على تحصيل مبتغاك من الوظيفة بإذن الله، قال الله سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق3:2}.

ولا بأس بالاستمرار في البحث عن عمل، واستعيني بالثقات من أخواتك المسلمات وأقاربك، واصبري حتى يتيسر لك ذلك، وأنت على كل حال في خير، إذ الأصل قرار المرأة في بيتها؛ كما بينا في الفتوى رقم: 34920.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني