الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رتبة أثر: لَمْ يَمْلِكِ الأَرْضَ كُلَّهَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ؛ مُؤْمِنَانِ، وَكَافِرَانِ..

السؤال

ما صحة هذا الأثر: "لَمْ يَمْلِكِ الأَرْضَ كُلَّهَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ؛ مُؤْمِنَانِ، وَكَافِرَانِ. فَالْمُؤْمِنَانِ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ. وَالْكَافِرَانِ: نُمْرُوذُ بْنُ كُوشَ، وَبُخْتَنَصَّرُ"؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأكثر المصادر تنسب هذا الكلام إلى مجاهد -رحمه الله- فقد رواه ابن أبي شيبة والطبري من قول مجاهد -رحمه الله- ولم نجد من أهل العلم من حكم على هذا الأثر بالصحة أو الضعف، ولفظ ابن أبي شيبة في مصنفه قال: حدثنا ابن فضيل، عن حصين، عن مجاهد، قال: لم يملك الأرض كلها إلا أربعة؛ مسلمان وكافران. فأما المسلمان: فسليمان بن داود، وذو القرنين. وأما الكافران: فبختنصر، والذي حاج إبراهيم في ربه. انتهى.

ورواه ابن جرير الطبري في التفسير بسنده: عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ؛ أَقْتُلُ مَنْ شِئْتُ، وَأَسْتَحْيِي مَنْ شِئْتَ أَدَعُهُ حَيًّا فَلاَ أَقْتُلُهُ. وَقَالَ: مَلَكَ الأَرْضَ مَشْرِقَهَا وَمَغْرِبَهَا أَرْبَعَةُ نَفَرٍ؛ مُؤْمِنَانِ، وَكَافِرَانِ. فَالْمُؤْمِنَانِ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ. وَالْكَافِرَانِ: بُخْتَنَصَّرُ، وَنُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ. لَمْ يَمْلِكْهَا غَيْرُهُمْ. انتهى.

وذكر هذا الأثر الحاكم في المستدرك مع اختلاف في لفظه عن معاوية فقال: ملك الأرض أربعة: سليمان بن داود، وذو القرنين، ورجل من أهل حلوان، ورجل آخر. فقيل له: الخضر؟ فقال: لا. وسكت عنه الذهبي في التلخيص، ونقله ابن كثير في البداية والنهاية، ولم يحكم عليه بشيء.

وذكر ابن كثير أيضًا في البداية والنهاية هذا الأثر عن سفيان الثوري أنه بلغه ... ثم ساقه، ولم يحكم عليه بشيء.

وأما السيوطي فقد تفرد برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ناقلًا ذلك عن ابن الجوزي في تاريخه، ولم نجده في تاريخ ابن الجوزي (المنتظم)، وإنما المذكور فيه أثر مجاهد. قال السيوطي في (العرف الوردي في أخبار المهدي): وأخرج ابن الجوزي في ((تاريخه)) عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ملك الأرض أربعة؛ مؤمنان، وكافران. فالمؤمنان: ذو القرنين، وسليمان. والكافران: نمروذ، وبختنصر. وسيملكها خامس من أهل بيتي)).

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أثر مجاهد، ولم يتعقبه بشيء، كما في مجموع الفتاوى: قال مجاهد: ملك الأرض مؤمنان وكافران؛ فالمؤمنان: سليمان، وذو القرنين، والكافران: بختنصر، ونمرود. وسيملكها خامس من هذه الأمة. انتهى.

فالأقرب أن الأثر من كلام مجاهد -رحمه الله-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني