الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الأفضل حلق الشعر أم تركه وإكرامه؟

السؤال

لدي شعر رأس تاركه منذ 5 سنوات، وأعتني به جيدًا، وهو طويل وكثيف، سبط ليس بالأجعد ولا بالناعم (وسط)، وكل يوم أرجل شعري عند كل وبعد وضوء بشكل عام، وعنايتي به جيدة وممتازة، فأنا أكرمه بشكل يومي, ولكن أريد من حضراتكم الاستشارة وبعض النصائح: هل أعفي شعري وأهتم به أم أحلقه وأجعله كأكثر الناس؟
رغم أن طول شعري قد يصل إلى عاتقي أو الكتفين، وأربطه على شكل ذيل الحصان حتى لا يضايقني، وإكرامًا له، ولكن ما رأي حضراتكم: هل من الفطرة والأفضل لي تركه مع العناية أم حلقه؟ مع الاستدلال إن وُجد؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن إكرام الشعر مطلوب شرعًا ما لم يصل ذلك إلى حد السرف والمباهاة، أو يخرج إلى حد الشهرة أو نقص المروءة؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرم شعره، ويدهنه، ويرجله، وقال: "من كان له شعر فليكرمه". رواه أبو داود، والبيهقي في شعب الإيمان، وصححه السيوطي.

وينبغي أن يكون الاعتناء بالشعر من وقت لآخر دون إسراف أو تقصير، وانظر الفتوى رقم: 26162.

أما حلق الشعر أو تركه: فالمسلم مخيّر في ذلك، والأمر فيه واسع، لكن ينبغي أن يكون على المألوف من عادة قومه؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كقومه، ربما يترك شعره حتى يصل إلى شحمة أذنه، وربما طال فضفره غدائر؛ جاء في زاد المعاد لابن القيم -رحمه الله-: "كان شعره فوق الجمة ودون الوفرة، وكانت جمته تضرب شحمة أذنه، وإذا طال جعله غدائر أربعًا، والغدائر: الضفائر".

وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا عدّه العلماء من السنن الجبلية والعادية، وما كان كذلك فلا حرج في فعله أو تركه بخلاف سنن العبادة؛ قال العلوي في المراقي:

"وفعله المركوز في الجبلة كالأكل والشرب فليس ملة".

وجاء في البيان والتحصيل لابن رشد الجد: "ومن الصحابة من كانت له لمة، ومنهم من كانت له وفرة، ومنهم من حلق، فالأمر في ذلك واسع". اهـ

ولذلك فالذي ننصحك به -بعد تقوى الله تعالى-: أن تترك شعرك على حاله إن كان ذلك موافقًا لعادة الناس في محيطك ومجتمعك، وإلا فالأحسن أن تحلقه؛ قال الشيخ/ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: ... ولكن اتخاذ الشعر في عهد الرسول عليه الصلاة وسلم أمر محمود؛ لأنه من عادة الناس، ولم يحلق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه إلا في حج أو عمرة؛ لأن هذا هو عادة الناس. أما في عصرنا هذا: فإن الناس لا يعتادون هذا، بل الناس من علماء وعباد وغيرهم كانوا يحلقون رؤوسهم، وحلق الرأس لا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الغلام الذي حلق رأسه وترك بعضه قال: (احلقوا كله أو اتركوا كله). انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني