الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطأ القاضي .. الحكم .. والواجب فعله

السؤال

ما حكْم من حكَم بحكم باطل ثم اكتشف بأنه باطل؟ وهل عليه كفارة؟
أنا أرى في المحاكم محاميًا يدافع عن المجرم، هل يكون آثمًا أم ما عليه إلا أن يبرهن دلائل الدفاع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن القاضي يحكم على نحو ما يسمع، ولا يعلم الغيب، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئًا بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار؛ فلا يأخذها. رواه البخاري ومسلم.

فإذا كان القاضي أهلًا للقضاء مستجمعًا لآلته، واجتهد في إصابة الحق، فهو مأجور على أية حال ولو أخطأ؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر. رواه البخاري ومسلم.

وبهذا يعلم أن القاضي المؤهل للقضاء إذا اجتهد وأخطأ في إصابة الحق فلا إثم ولا كفارة عليه.

لكن لو تبين له الخطأ فيما حكم به، فعليه أن ينقض الحكم السابق، ويعود للصواب؛ قال السبكي في فتاواه: ولا شك أن الحكم إنما ينقض لتبين خطئه، ولا شك أن الحاكم منصوب لأن يحكم بحكم الشرع، وأحكام الشرع منوطة بأسباب تتعلق بوجودها، ووجودها يثبت عند الحاكم بطريق شرعي، فالخطأ لا يعدو هذه المواطن الثلاثة:

(أحدها:) أن يكون في الحكم الشرعي بأن يكون حكم بخلاف النص أو الإجماع أو القياس الجلي، فينقض إذا تبين ذلك لتحقق الخلل في الحكم، وليس معنى النقض الحل بعد العقد، بل الحكم يبطل ببطلان الحكم المتقدم، وبيان أنه لم يقع صحيحًا لأنه ليس بحكم الشرع, والحاكم نائب الشرع فلا يصح منه الحكم بغير حكمه, ولفظة نقض الحكم ممكنة لأن المقصود إبطال ذات الحكم الذي وقع, ويقرب منه إذا حكم بغير علم فإنه ينقض, وإن صادف الحق, والخلل هنا في الحاكم لا في الحكم، لكنه قريب منه، ولفظة النقض هنا أيضًا ممكنة; لأن المقصود إبطال فعل الحاكم، ويبقى الأمر على ما كان عليه حتى يصدر ذلك الحكم من أهله، كما يبطل تصرف من ليس بوكيل.

(الموطن الثاني:) أن يحصل الحكم على سبب غير موجود، ويظن القاضي وجوده ببينة زور ونحوها، فإذا انكشف ذلك ينقض في بعض المواضع بالإجماع, وفي بعضها بخلاف فيه ...

(الموطن الثالث:) أن يكون الخلل في الطريق، كما إذا حكم بشهادة كافرين فإذا تبين ذلك ينقض سواء أكان المشهود به صحيحًا أم لا؛ لأن المعتبر من الحكم ما كان بطريقه الشرعي، فإذا كان بغير طريقه الشرعي فقد حصل الخطأ في الطريق، فننقضه لوقوعه على غير الوجه الشرعي. اهـ.

وأما عن سؤالك الثاني: فراجع الفتويين: 20125، 49717.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني