الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط جواز انتقال المعتدة من بيت الزوجية

السؤال

أختي ترملت بعد 5 أشهر زواج، وهي حامل، وهي تسكن مع والد زوجها وامرأته، وأبنائه وزوجاتهم، خوفًا من المشاكل، وكثرة الكلام، وأنتم تعلمون النساء ومشاكلهن، وأمها (زوجة أبي المتوفى) تذهب يوميًّا لزيارتها.
فهل يجوز أن أحضرها عند أمها هنا تكمل فترة العدة مع توافر شروطها بعدم الخروج؟ فأنا متوقع أنها إن بقيت هناك ستحدث مشاكل.
أفيدونا -بارك الله فيكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن المعتدة يلزمها السكن والمبيت ببيت الزوجية حتى تنتهي العدة ما لم تخف على نفسها أو على دينها أو عرضها أو نحو ذلك؛ فإنه يرخص لها والحالة هذه في الانتقال للسكن في بيت آخر تأمن فيه على نفسها، سواء كان بيت أمها أو غيره؛ جاء في تحفة المحتاج: (وتنتقل) جوازًا (من المسكن لخوف) على نفسها، أو نحو ولدها، أو مال ولو لغيرها كوديعة وإن قلّ، أو اختصاص كذلك فيما يظهر (من) نحو (هدم أو غرق) أو سارق (أو) لخوف (على نفسها) ما دامت فيه من ريبة للضرورة. وظاهر أنه يجب الانتقال حيث ظنت فتنة؛ كخوف على نحو بضع، ومن ذلك أن ينتجع قوم البدوية وتخشى من التخلف كما يأتي (أو تأذت بالجيران) أذى شديدًا؛ أي: لا يحتمل عادة فيما يظهر. اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: فإن خافت على نفس أو عضو أو بضع أو دين أو مال (انتقلت)، لأن الخروج لذلك أشد من الخروج للطعام ونحوه. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 238786، وما أحيل عليه فيها.

فإن اعتدت في بيت زوجها، واحتاجت للذهاب إلى أمها جاز لها ذلك في النهار، كما يجوز أن تخرج لسائر حاجاتها، ولكن لا تبيت إلا ببيت زوجها؛ قال ابن قدامة: وللمعتدة الخروج في حوائجها نهارًا، سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها؛ قال جابر: طُلقت خالتي ثلاثًا، فخرجت تجذ نخلها، فوجدها رجل فنهاها، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: اخرجي فجذي نخلك لعلك أن تتصدقي منه، أو تفعلي خيرًا. رواه النسائي، وأبو داود. وروى مجاهد، قال: استشهد رجال يوم أحد، فجاءت نساؤهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقلن: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نستوحش بالليل، أفنبيت عند إحدانا، فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تحدثن عند إحداكن، حتى إذا أردتن النوم، فلتؤب كل واحدة إلى بيتها). وليس لها المبيت في غير بيتها، ولا الخروج ليلًا، إلا لضرورة؛ لأن الليل مظنة الفساد، بخلاف النهار، فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش، وشراء ما يحتاج إليه. انتهى من المغني.

ولا يجوز لها أن تخرج لغير حاجة لا نهارًا ولا ليلًا؛ قال الرحيباني: (ولا تخرج) معتدة لوفاة (إلا نهارًا) لما روى مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم فلتأت كل واحدة إلى بيتها}؛ ولأن الليل مظنة الفساد، ولا تخرج نهارًا (إلا لحاجتها) من بيع وشراء ونحوهما (ولو وجدت من يقضيها) فلا تخرج لحاجة غيرها، ولا لعيادة، وزيارة، ونحوهما). اهـ.

وراجع الفتوى رقم: 262162، ما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني