الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاكتساب من البرامج المقرصنة عن طريق استخدامها وبيعها

السؤال

أعمل في مجال الحاسب الآلي، وأساس عملي يتركز حول تركيب البرامج وهي في معظمها مقرصنة، والعمل في البرامج الأصلية فقط مستحيل، عمليا يعني توقف عملي نهائيا، هل يمكن اعتبار البرامج الأمريكية المقرصنة مشروعة باعتبار أمريكا كافرا محاربا؟ هذا أولا.
وثانيا: الزبون هو من يطلب البرنامج المقرصن ويرفض البرنامج الأصلي لغلاء ثمنه الفاحش، وهو من يستخدم البرنامج ولست أنا، فأنا أقوم بتركيبه فقط حسب طلبه فما هي الفتوى في وضعي؟ وثالثا أحيانا أقوم بالعمل المختلط يعني تركيب برنامج مقرصن وأعمال أخرى مشروعة، ولا آخذ ثمن تركيب البرنامج المقرصن وآخذ ثمن الأعمال الأخرى التي تختلط معه، فما هي الفتوى في وضعي؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي قرره أهل العلم أن الملكية الفكرية أصبحت حقا معتبرا لصاحبه سواء كان كافرا أو مسلما.

وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الخامس بالكويت سنة 1405هـ. بشأن الحقوق المعنوية، كحق التأليف ونحوه، قرارا جاء فيه: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع، أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها. اهـ

فلا يجوز الاعتداء على الحقوق المعنوية الخاصة بالغير، وبالتالي فلا يجوز لك أن تنزل البرامج المحمية وتبيعها للزبائن ولو كانت لشركات أجنبية يملكها كفار، لأن مال الكافر غير الحربي معصوم لا يجوز الاعتداء عليه.

بل إن أموال الحربيين ليست مباحة بإطلاق، وإنما تؤخذ على سبيل المغالبة والقهر، كما الحال في الجهاد.

وفي قصة المغيرة بن شعبة ـ رضي الله عنه ـ ما يدل على هذا، حيث صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء. رواه البخاري.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أي لا أتعرض له، لكونه أخذه غدرا، ويستفاد منه أنه لا يحل أخذ أموال الكفار في حال الأمن غدرا، لأن الرفقة يصطحبون على الأمانة، والأمانة تؤدى إلى أهلها مسلما كان أو كافرا، وأن أموال الكفار إنما تحل بالمحاربة والمغالبة. اهـ.

وقد نبهنا في الفتوى رقم: 174343، إلى أن الأحكام المتعلقة بالكفار الحربيين لا تتحقق إلا مع مشروعية الجهاد.

وبخصوص كون الزبون هو من يطلب البرنامج المقرصن و يرفض البرنامج الأصلي لغلاء ثمنه الفاحش، فهذا لا يغير من الأمر شيئا، وهكذا كونك أحيانا تقوم بما سميته "العمل المختلط" أي تركب للزبون برنامجا مقرصنا، مع أعمال أخرى مشروعة وترفض أخذ الأجر على تركيب البرنامج المقرصن، فهذا لا يختلف عن غيره حيث الحرمة، وذلك أن الاعتداء حاصل منك على تلك البرامج، وإنما الفرق هو أنك هنا اعتديت عليها ومنحتها مجانا لزبنائك، وفي غير هذه الحالة تعتدي عليها وتبيعها لهم أو تركبها لهم بأجر، ويلزمك في كلتا الحالتين ضمان ما فوته على أصحابها من منافع، وما لحقهم من أضرار، وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 174593، 173041.

ونوصيك بتقوى الله والبحث عن عمل حلال ليس فيه اعتداء على حق أحد، أو المواصلة في عملك الحالي مع تجنب ما كنت تقوم به من تنزيل البرامج المقرصنة وبيعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني