الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل الإنسان محاسب على شهوته؟
مثلًا: هل إذا الإنسان اشتهى أخته (وهو لا يريد أن يشتهي أخته، وهو يكره ذلك جدًّا) سيحاسب على ذلك؟
أرجوكم لا تحيلوني إلى فتاوى أخرى، بل أجيبوا عن سؤالي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاشتهاء المحارم شذوذ وانحراف عن الفطرة، وهو إذا كان بتسبب من الإنسان أو استقرّ في نفسه ولم يدفعه فهو معصية، وقد سمّاه النبي صلى الله عليه وسلم زنا؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة؛ فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه". (متفق عليه).

قال الملا علي القاري -رحمه الله: "وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّمَنِّيَ إِذَا اسْتَقَرَّ فِي الْبَاطِنِ، وَأَصَرَّ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ يُسَمَّى زِنَا، فَيَكُونُ مَعْصِيَةً، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ. فَتَأَمَّلْ". مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 158).

أما إذا وقع ذلك من غير تسبب ودافعه صاحبه، فلا يؤاخذ به -إن شاء الله-، لكن عليه الحذر من استدراج الشيطان، واتباع خطواته، ومن ذلك ألا يتهاون مع الخواطر الشيطانية حتى لا تتمكن من نفسه؛ قال ابن القيم -رحمه الله-: "قاعدة في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال:

وهي شيئان: أحدهما: حراسة الخواطر، وحفظها، والحذر من إهمالها والاسترسال معها؛ فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء؛ لأنها هي بذر الشيطان، والنفس في أرض القلب، فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات، ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال". طريق الهجرتين - (1 / 274).
وراجع الفتوى رقم: 157241.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني