الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط جواز دراسة القوانين الوضعية

السؤال

في بحث علمي كلفت ببيان قواعد يتضمنها قانون جنائي وضعي تبرز مدى عدالته، مع ذكر قواعد العدالة في القانون الجنائي الإسلامي، وقد بحثت في الجانب الشرعي، ولكنني ملزم ببيان أوجه العدالة في القانون الوضعي، وهو ما يضطرني للقول على الله بغير علم، فهل أستمر في هذا البحث؟ أم أنني إن فعلته فسيبقى سنة سيئة من بعدي؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن دارسة القوانين الوضعية من حيث العموم: إذا كانت بغرض صحيح، فلا حرج فيها، كأن يكون الغرض إظهار فضيلة أحكام الشريعة عليها، وبيان ما في هذه القوانين من تناقض وظلم وثغرات، نزه الله عنها شريعته المطهرة، أو الاستفادة منها فيما لا يخالف الشرع المطهر ونحو ذلك، وكان الدارس مؤهلا علميا وفكريا، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إذا كان من يريد دراسة القوانين الوضعية لديه قوة فكرية وعلمية يميز بها الحق من الباطل، وكان لديه حصانة إسلامية يأمن معها من الانحراف عن الحق ومن الافتتان بالباطل، وقصد بتلك الدراسة المقارنة بين أحكام الإسلام وأحكام القوانين الوضعية وبيان ميزة أحكام الإسلام عليها وبيان شمولها لكل ما يحتاجه الناس في صلاح دينهم ودنياهم وكفايتها في ذلك، إحقاقا للحق وإبطالا للباطل، والرد على من استهوته القوانين الوضعية، فزعم صلاحيتها وشمولها وكفايتها ـ إن كان كذلك ـ فدراسته إياها جائزة، وإلا فلا يجوز له دراستها. اهـ.

ومن خلال هذه الضوابط تستطيع الحكم على حالتك ودراستك.

وأما القول على الله بلا علم: فلا ريب في أنه من أكبر الكبائر، كما قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف:33}.

قال ابن القيم: فرتب المحرمات أربع مراتب، وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنى بما هو أشد تحريما منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلث بما هو أعظم تحريما منهما وهو الشرك به سبحانه، ثم ربع بما هو أشد تحريما من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه. اهـ.

والقول على الله بلا علم من أصول المحرمات التي اتفقت الشرائع على تحريمها تحريما مطلقا، لا يباح بحال، لا لضرورة ولا غيرها، قال ابن تيمية: المحرمات قسمان: أحدهما: ما يقطع بأن الشرع لم يبح منه شيئا لا لضرورة ولا لغير ضرورة كالشرك والفواحش والقول على الله بغير علم، والظلم المحض، وهي الأربعة المذكورة في قوله تعالى: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ـ فهذه الأشياء محرمة في جميع الشرائع وبتحريمها بعث الله جميع الرسل ولم يبح منها شيئا قط ولا في حال من الأحوال، ولهذا أنزلت في هذه السورة المكية، ونفي التحريم عما سواها، فإنما حرمه بعدها كالدم والميتة ولحم الخنزير حرمه في حال دون حال وليس تحريمه مطلقا. اهـ.

فالبحوث الدراسية مهما كنت لا تسوغ للمسلم القول على الله بلا علم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني