الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الضمان في حالة عيب السلعة المبيعة على مالكها لا على من باعها نيابة عنه

السؤال

أنا صيدلانية، متزوجة، وأعاني من الوسواس القهري الشديد طول حياتي، وأتعالج منه منذ 10 سنوات، وتأتيني الكثير من الأفكار التي لا أستطيع السيطرة عليها، ولا أستطيع التفرقة بين الحقيقة، والوسواس، وأريد مساعدتي.
فمشكلتي هي: أني تذكرت أني منذ 7 سنوات بعد تخرجي مباشرة عملت في صيدلية كبرى، وكنت أحاول التعلم سريعا لأكسب ثقة الإدارة، واجتهدت، وكنت أراعي الله.
قامت الصيدلية بتوفير دواء جديد للتخسيس (إنقاص الوزن)، اسمه فيا أناناس، وهو كبسولات مستخلصة من الأناناس، ويعمل على حرق الدهون بشكل مذهل في فترة وجيزة، وتم الإعلان عنه في القنوات التليفزيونية، وذكر في الإعلانات أرقام هواتف الصيدليات التي يتوفر فيها الدواء، ومنها الصيدلية التي أعمل فيها. وبالفعل انهالت المكالمات طلبا للدواء، والسؤال عنه. وقمت ببيع كميات كبيرة منه، وذكرت للناس ميزاته؛ اعتقادا مني أنه بالفعل مذهل، علما أني لم أتقاض أي أجر إضافي مقابل بيعي للدواء (فقط الراتب) وبعد عدة سنوات تفاجأت أن هذا الدواء قد تم سحبه من السوق؛ لما له من أضرار جانبية، وأيضا لا يقوم بالتخسيس على النحو المعلن عنه في النشرة الملحقة، وأن وزارة الصحة نفت تسجيل الدواء عندها، وحذرت حماية المستهلك من الاتجار فيه، علما بأن الدواء قامت كثير من الشركات بتقليده، ولا أعلم هل سبب سحبه، ومنع بيعه، هو أن المنتج المقلد هو الذي سبب الأضرار أم الأصلي أيضا؟ ولكن كلاهما تم منعه. وأنا لم يخطر ببالي إذا كان هذا الدواء قد سجل في وزارة الصحة أم لا في ذلك الوقت؛ لقلة خبرتي، فقد كنت حديثة التخرج، وليس من سلطتي التدخل في مثل هذه الأمور، وظنا مني أنه طالما أن الصيدلية قد أعلنت في قنوات التليفزيون تواجد هذا الدواء فيها، فهذا يعني أنه دواء موثوق؛ لكيلا تخاطر بسمعتها. هذا الدواء سعره 370 جنيها، ولا أتذكر كم عبوة قمت ببيعها، قد تكون 5 أو 10، أو 20 لا أعلم. وأنا الآن لا أعمل، وقد قرأت في فتوى أنه إذا تم بيع شيء مغشوش، فأتصدق بفرق القيمة، وقد قمت ببيع الدواء الأصلي، لكن في هذه الحالة قد يكون مضرا، أو لا قيمة له.
فماذا أفعل فقيمة الدواء غالية 370 جنيها، ولا أتذكر عدد العبوات التي بيعت، ولا أستطيع البوح لزوجي خشيه المشاكل، وسوف يتهمني بالاسترسال مع الوساوس.
أفتوني سريعا، وعذرا على الإطالة.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا إثم عليك فيما حصل؛ لأنك لم تكوني عالمة بأن الدواء مغشوش، أو فيه ضرر، كما لا يلزمك ضمان ما بعت من دواء إن كان مغشوشا؛ لأنك قد بعته نيابة عن أصحاب الصيدلية، ومن اشتراه اشتراه من الصيدلية وليس منك، وأما أنت إلا بمثابة الرسول بين البائع والمشتري.

جاء في مجلة الأحكام العدلية: وإِذَا ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى, فَلِلْوَكِيلِ حَقُّ الْمُخَاصَمَةِ لِأَجْلِ رَدِّهِ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ رَدُّ الْوَكِيلِ قَدْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ بِأَنْ عَقَدَ الْبَيْعَ بِقَوْلِهِ: بِعْتُ بِالْوَكَالَةِ عَنْ فُلَانٍ، وَاشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ: فَعَلَى هَذَا الْحَالِ تَعُودُ الْحُقُوقُ الْمُبَيَّنَةُ آنِفًا كُلُّهَا إلَى الْمُوَكِّلِ، وَيَبْقَى الْوَكِيلُ فِي حُكْمِ الرَّسُولِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ. اهـ.

وفي مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: وأما إن كان العيب مما يخفى، فلا شيء على الوكيل، وإذا لم يكن عليه ضمان، لم يكن له أن يرد. اهـ.

وفي فتاوى عليش: فإن علم بها -أي علم المشتري بكون البائع وكيلا-، فليس له رده عليه، إنما يرده على الموكل. اهـ.

وفي المغني لابن قدامة: وإن دفع الثمن إلى البائع، فوجد به عيبا، فرده على الوكيل، كان أمانة في يده. إن تلف فهو من ضمان الموكل. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني