الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعدد مع عدم رضا الوالدين بشرط عدم الوطء وعدم الزواج بأخرى أو إرجاع الأولى

السؤال

أنا متزوجة، وعمري 30 سنة، ولديّ طفلة من زوجي، اكتشفت مؤخرًا أن زوجي يخونني مع حبيبته السابقة، وقد قابلها في منزل صاحبه، وعندما علمت الأمرَ اعترف، وحلف بالله العظيم أنه لم تحصل بينهما خلوة غير شرعية، وأن حديثه معها كان بنية الحلال، والرغبة في الزواج منها.
زوجي يخاف الله، ولا يريد أن يطلّقني، وطلب مني البقاء معه، والرضا بزواجه من حبيبته، وعند سؤالي له عن سبب زواجه منها، وهل صدر مني تقصير تجاهه؟ أجاب بأنه ليس هناك سبب لزواجه منها، غير أنه يريد أن تكون موجودة في حياته بالحلال، وبرّر موقفه بأن الله حلّل له الزواج بأربع، وأنه شرع الله، وأن الرجل عندما يريد الزواج من امرأة أخرى، لا يتوجب أن يكون هنالك سبب، أو تقصير من زوجته الأولى.
في الحقيقة لقد رفضت طلب زوجي؛ لإحساسي الكبير بالظلم، وقد طلب مني التفكير مرارًا، ومن المؤسف أنه إذا خيِّر زوجي بيني وبين حبيبته فسوف يختارها هي، وسيضحي ببيته، وابنته، وزواجه مني في سبيل زواجه بحبيبته.
لقد قمت بإخبار والديه، وقد رفضا زواجه منها تمامًا؛ لعدم اقتناعهما بسبب زواجه، ولأنه سينهي زواجه مني في حال عدم موافقتي، وقد أخبره والداه أنهما غير راضيين عن زواجه منها، ولن يذهبا لخطبتها من أهلها، وزوجي حاليًّا مستمر بالتواصل معها هاتفيًّا، وطلب مني البقاء معه والزواج منها، وحاول إقناعي أنها متنازلة عن حقوقها الزوجية، وأن علاقته بها سوف تكون مجرد أخت، وصديقة لا أكثر، وأنه لن تكون هناك علاقة حميمية، أو جنسية بينهما بعد زواجهما؛ لأنها اشترطت عليه ذلك، بحجة أنها لا تقبل المشاركة في الفراش، وأخبرني أيضًا أنها ستوفر له المسكن، وتنازلت عن كل شيء ماعدا المصروف، والصداق، علمًا أنها اشترطت عليه ألا يتزوج عليها امرأة أخرى في المستقبل، وفي حال زواجه عليها، أو في حال انفصالي منه -لا سمح الله- اشترطت عليه ألا يتزوجني مرة أخرى، إلا في حالة تطليقها، وقد وافق زوجي على شروطها، فما حكم زواجه من حبيبته في هذه الحالة؟ حيث إن نية زوجي مجرد الحديث معها هاتفيًّا، والخروج، والسفر معًا، ولم تكن نيته، أو سببه شرعيًّا، وليس المقدرة المادية أيضًا، وليس زواجه منها بسبب المقدرة البدنية؟ وهل يعتبر سببه للزواج منها مسوغًا شرعيًّا للتعدد، والاحتجاج بشرع الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن الشرع أباح للرجل تعدد الزوجات إلى أربع منهن، إذا كان قادرًا على العدل بينهن، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً... {النساء:3}، وللشرع في ذلك كثير من الحِكَم، عددنا جملة منها في الفتوى رقم: 1570.

وزواجه من هذه المرأة مباح له، بغض النظر عن كونه يحبها أو لا، وإذا كان يحبها، فذلك أدعى لزواجه منها، ففي الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح.

وإذا تزوجها لمجرد ما ذكر من الحديث معها، ونحو ذلك، فلا يؤثر على صحة الزواج إذا وقع مستوفيًا الشروط، واشتراط عدم الوطء باطل، فإذا تزوجها، فله الحق في مطالبتها به، ويجب عليها طاعته، وعدم الامتناع إلا لعذر شرعي، وانظري الفتوى رقم: 76243.

وإذا اشترطت عليه قبل العقد، عدم الزواج من أخرى، أو عدم إرجاعك إذا طلقك، ووافق على ذلك، وجب عليه الوفاء على الراجح، كما بينا في الفتوى رقم: 1357، والفتوى رقم: 114282.

واعتراض والديه على هذا الزواج، إذا كان لمسوغ شرعي، فلا بأس، وتجب عليه طاعتهما.

وإن لم يكن لهما مسوغ شرعي فيه، فلا تجب طاعتهما، فطاعة الوالدين لا تجب بكل حال، كما بينا في الفتوى رقم: 76303.

وفي نهاية المطاف، إذا خشي أن يؤدي الزواج إلى تشتيت أسرته، فننصحه بعدم الإقدام عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني