الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تعارض بين حديث أهل الفترة وحديث الوائدة والموءودة في النار

السؤال

السؤال الأول: قرأت حديثا صححه الألباني، معناه: يأتي يوم القيامة أصم، وأحمق، ورجل من أهل الفترة ...الخ. فيقولون لله إنه لم يأتهم رسول .... إلى آخر معنى الحديث.
لكني تفاجأت بحديث -ليس سؤالي عن معناه، فلا تحيلوني إلى فتوى أخرى حفظكم الله وبارك فيكم- الوائد، والموؤدة في النار. الحديث صححه الألباني. والموءودة كما فسرها الألباني ليست الفتاة المقتولة هنا، لكن ليس هذه سؤالي، بل سؤالي عن الوائدة، حيث الحديث كما أذكر فيه أن الوائدة كانت في عصر الجاهلية، أي قبل البعثة، أي في زمن الفترة.
فكيف تكون في النار؟ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل ستكون في النار، بل قال: هي في النار. والرسول لم يقل إنه سيرسل إليها رسل يوم القيامة وتنكر، ثم تدخل النار.
فأرجو منكم البيان، مع التفصيل.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 199757، المراد بأهل الفترة، ومدتها، وحكمهم، وأن هذا اللفظ يشمل كل من لم تبلغه الدعوة، أو بلغته على حال لا تقوم عليه الحجة بها كالمجنون ونحوه، وأن الراجح فيهم أنهم يمتحنون يوم القيامة.

وأما حديث الوائدة، فهو وارد في وائدة مخصوصة، فلا تعارض بينه، وبين النصوص العامة في شأن أهل الفترة.

فقد أخرج الإمام أحمد في المسند، من طريق الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَأَخِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّنَا مُلَيْكَةَ كَانَتْ تَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، هَلَكَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، قُلْنَا: فَإِنَّهَا كَانَتْ وَأَدَتْ أُخْتًا لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شَيْئًا؟ قَالَ: (الْوَائِدَةُ، وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ الْوَائِدَةُ الْإِسْلَامَ، فَيَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهَا). وهذه الرواية قواها البخاري في التاريخ الكبير، والدارقطني في العلل.

وقال ابن القيم في "أحكام أهل الذمة": الجواب الصحيح عن هذا الحديث: أن قوله: (إن الوائدة والموءودة في النار) جواب عن تينك الوائدة والموءودة، اللتين سئل عنهما، لا إخبار عن كل وائدة وموءودة، فبعض هذا الجنس في النار، وقد يكون هذا الشخص من الجنس الذي في النار. انتهى.
وقال الشيخ الألباني في مشكاة المصابيح: إن الحديث خاص بموءودة معينة، وحينئذ (ال) في ( الموءودة) ليست للاستغراق، بل للعهد. ويؤيده قصة ابني مليكة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني