الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من لا يقدر على إيفاء حق الزوجة وهي راضية

السؤال

لقد تزوجت منذ عامين ونصف من امرأة، كنت قد رفضت إكمال الزواج منها في فترة الخطوبة؛ لعدم التوافق بيننا، وأيضا بسبب خلافات؛ لعلمها بتعلقي بامرأة أخرى، ولكن بسبب إلحاح من الأسرة، وبالأخص والدتي، وأيضا إحساسي بالشفقة على البنت؛ لتعلقها غير الطبيعي بي. قررت إتمام الزواج، ولكن بعد مرور عام واحد من الزواج، عدت إلى صديقتي القديمة، وهي مطلقة، وتزوجت منها، والآن هي حامل في الشهر ال 7 بإذن الله. ونظرا لحملها، قررت أن لا يظل زواجي سرا، وبالفعل اعترفت لأسرتي بذلك، وبعدها لزوجتي الأولى، ولكن فوجئت بقبولها للأمر، وأنها ليس لديها مانع من ذلك، ولكني أشعر أني دائم الظلم لها في كل شيء: المشاعر والإحساس، وأيضا المعاملة، وأنني على خلاف دائم معها بسبب عدم اهتمامي بها، ولا أشعر بها تماما؛ لدرجة تصل إلى عدم رغبتي في الجماع، وأنا أشعر في نفسي بشيء من الظلم لها يقتلني كل يوم، فليس بيدي ذلك، والله على ما أقول شهيد، وما أقول إلا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تؤاخذني فيما ليس ملكي. وإحساسي بتعلقها بي رغم كل ذلك، يقتلني، ولا أدري ماذا أفعل؟
فهل طلاقنا أسلم حل، ومع ذلك هي ترفضه أم أن تظل زوجتي اسما، وأكون ظالما لها، وأحاسب عليها؟
أفيدوني أفادكم الله ضميري يقتلني.
وجزاكم الله عني خيرا.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دامت المرأة طيبة العشرة، محبة لك، فلا يسوغ أن تقابل ذلك بمفارقتها، بل ينبغي أن تمسكها، وتحسن عشرتها، وإذا لم تكن راغباً فيها، فاصبر عليها، وانظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاقها وصفاتها، قال تعالى: .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19 }
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ. صحيح مسلم.

قال النووي رحمه الله: أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ، وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ، لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ، أَوْ جَمِيلَةٌ، أَوْ عَفِيفَةٌ، أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ.

وقال عمر -رضي الله عنه- لرجل يريد أن يطلق زوجته، معللاً ذلك بأنه لا يحبها: ويحك، ألم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية، وأين التذمم؟

وقال أيضاً لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن، ولتجمل، فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب، والإسلام. أورده في كنز العمال.
وإذا لم تقدر على الإحسان إليها، وإيفائها حقها، وكانت راضية بإسقاط بعضه، فلا حرج عليك في ذلك، فقد وهبت أم المؤمنين سودة بنت زمعة -رضي الله عنها- وهبت يومها، وليلتها لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني