الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

حلفت قبل مدة أن لا أعيد العادة السرية، ثم أعدتها، ولم أكفر عن هذه اليمين. ثم بعد ذلك بمدة، حلفت مرة أخرى أن لا أعيد هذه العادة، وأعدتها كذلك.
فكم يجب علي من كفارة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنريد أولا تنبيهك إلى أن الحلف على ترك المعصية، يحرم الحنث فيه.

جاء في الموسوعة الفقهية: فاليمين على فعل واجب، أو ترك معصية، كوالله لأصلين الظهر اليوم، أو لا أسرق الليلة، يجب البر فيها، ويحرم الحنث، ولا خلاف في ذلك، كما لا يخفى. اهـ.

فيجب عليك أولا المبادرة إلى التوبة الصادقة من تلك المعصية، ومن غيرها من المعاصي، ومن الحنث في حلفك، فقد قال الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات:11}.
ومن تاب، تاب الله عليه، والتائب من الذنب، كمن لا ذنب له.
وفي خصوص ما سألت عنه: فإن عليك كفارتين للحنث في المرتين اللتين حلفت فيهما؛ فإن من حلف على شيء أكثر من مرة، وحنث في اليمين الأولى قبل الحلف بالثانية, فإن عليه بكل يمين حنث فيها كفارة، وهذا هو قول جمهور أهل العلم، ويرى بعضهم أن عليه في كل تلك الأيمان كفارة واحدة، طالما أن الحنث في جميعها كان قبل التكفير عن أي شيء منها.

جاء في الروض المربع: ومن لزمته أيمان قبل التكفير، موجبها واحد، ولو على أفعال كقوله: والله لا أكلت، والله لا شربت، والله لا أعطيت، والله لا أخذت، فعليه كفارة واحدة؛ لأنها كفارات من جنس واحد، فتداخلت كالحدود من جنس.

قال ابن قاسم في الحاشية: كما لو زنا، ثم زنا، فلا يحد إلا مرة، هذا المذهب، وعنه: لكل يمين كفارة، وهو مذهب أكثر أهل العلم. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف في أن من حلف يمينا، فحنث فيها، وأدى ما وجب عليه من الكفارة, أنه لو حلف يمينا أخرى، وحنث فيها، تجب عليه كفارة أخرى, ولا تغني الكفارة الأولى، عن كفارة الحنث في هذه اليمين الثانية, وإنما الخلاف فيمن حلف أيمانا وحنث فيها، ثم أراد التكفير, هل تتداخل الكفارات، فتجزئه كفارة واحدة؟ أو لا تتداخل، فيجب عليه لكل يمين كفارة؟ تتداخل الكفارات على أحد القولين عند الحنفية, وأحد الأقوال عند الحنابلة, ولا تتداخل عند المالكية، ولا الشافعية. انتهى.
وكفارة اليمين، هي المذكورة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 27058، 23935 .
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني