الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شراء الموظف سلعًا لمصلحة الشركة بغير إذنها وأخذ عمولة على ذلك

السؤال

أعمل مدير فرع لشركة تعمل في مجال التمويل، وطبيعة عمل الشركة أنها تشتري سيارات بالأجل بموجب اتفاق بينها وبين معارض بعينها، وتبيعها للعملاء بالتقسيط، وتوجد فترة بين رفع المعرض للمطالبة وبين سداد المطالبة من قبل شركتنا، يتوقف فيها المعرض عن بيع السيارات لنا حتى يتم السداد، ولا يعتبر هذا التوقف مشكلة بالنسبة لنا كموظفين، أو مدراء فروع، ولا يقلل من رواتبنا، ففكرت أن أجد حلًّا لهذه الفترة، وأفعل ما لم يفعله غيري من مدراء الفروع، فاتفقت مع معرض سيارات لأشتري منه السيارات خلال فترة التوقف نقدًا لكي تستفيد الشركة، ويستفيد الفرع الذي أنا مسؤول عنه بعدد معاملات سيتم إلغاؤها في حال عدم تنفيذها، ثم وصلت الاستفادة مداها، وازدادت المنفعة بين الطرفين، ولا أستطيع أن أشتري منه في الوقت الذي ما زال المعرض الأصلي يعمل؛ لأن الشراء من المعرض يكون بموجب تعميد نرسله إلى الإدارة، ولا يتم الشراء إلا عندما توافق الإدارة على الصرف، فعرض عليّ هذا المعرض عمولة، فرفضت أن آخذها حتى أتأكد من شرعيتها، وإذا أخذتها فلن تؤثر على عدد السيارات التي أشتريها منه، فما حكم هذه العمولة إذا كنت من الأساس غير مطالب بالعمل من قبل الشركة؟ والدليل أن غيري لم يفعله، ولم تتم معاقبتهم أو اتهامهم بالتقصير، وعندما أشتري من هذا المعرض السيارة فالطبيعي أن يأتيني من هذا المعرض مندوب ليعطيني أصل البطاقة الجمركية، والفواتير، ويستلم مبلغ السيارة، فماذا لو طلب مني المعرض أن أذهب إليه بالمبلغ في خارج وقت الدوام لإتمام عملية الشراء مقابل عمولة؟ وهل هذا يعتبر عملًا خاصًّا بيني وبين المعرض أستحق عليه العمولة، مقابل قيامي بعملٍ المفترض أن يقوم به المعرض، خاصة أنه خارج وقت الدوام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فبالنسبة للنقطة الأولى: لا يجوز لك أخذ عمولة من المعرض الآخر، لأن شراءك منه لا يخلو من أحد حالين:

الأول: ألا تأذن الشركة في شرائك السيارات من غير المعارض التي اتفقت معها بعينها.

وعلى هذا؛ فإنك تكون وكيلًا عن الشركة وكالة مقيدة بالشراء من تلك المعارض بعينها، ومن ثم؛ فلا يجوز لك الشراء من غيرها أصلًا، فضلًا عن أخذك عمولة من وراء ذلك، جاء في المغني لابن قدامة: لا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله, من جهة النطق, أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن, فاختص بما أذن فيه... وإن عين له المشتري, فقال: بعه فلانًا، لم يملك بيعه لغيره, بغير خلاف علمناه, سواء قدر له الثمن أو لم يقدره؛ لأنه قد يكون له غرض في تمليكه إياه دون غيره, إلا أن يعلم الوكيل بقرينة، أو صريح أنه لا غرض له في عين المشتري. اهـ.

والشراء مثل البيع.

الثاني: أن تأذن الشركة في شرائك من المعرض الآخر، وحينئذ؛ فأنت لم تخرج عن كونك وكيلًا لها، والوكيل لا يجوز له أخذ عمولة إلا بإذن موكله، ولك أن تشترط على الشركة قبل شرائك من المعرض الآخر أن تأخذ عمولة، أو أجرًا في مقابل قيامك بذلك، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 108270، 166695، 232558، وإحالاتها.

وكذلك يقال نحو هذا التفصيل بالنسبة للنقطة الثانية، فإن كان نظام العمل بشركتك يقتضي أن يكون المعرض مسؤولًا عن نقل المستندات وتسليمها، واستلام المبالغ، فلا يجوز لك القيام بذلك، لمخالفتك شروط الشركة المتعلقة بكيفية نقل مستنداتها، ومبالغها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: المسلمون عند شروطهم. رواه البخاري تعليقًا، ورواه غيره موصولًا.

هذا، فضلًا عن تعريضك مستندات، ومبالغ الشركة للخطر، حيث إن ضمان تلك الأشياء أثناء نقلها لن يكون على المعرض.

أما إن كان نظام العمل يسمح بقيامك بذلك، فإنك لم تخرج عن كونك وكيلًا لشركتك، ومن ثم؛ فلا يجوز لك أخذ عمولة إلا بإذنها على نحو ما بيناه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني