الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم خروج المرأة للعمل لزيادة ثروتها والتصدق

السؤال

هل يستحب عمل المرأة عندما لا تكون بحاجة للمال، ولكنها تعمل لزيادة ثروتها ومساعدة الفقراء والمساكين؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول ابتداء إن الأصل قرار المرأة في بيتها وعدم خروجها إلا لما لابد لها منه، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33}.

فبقاؤها في بيتها وقيامها على شؤون زوجها وولدها أعظم لأجرها، وأصون لها عن الفتنة وأسبابها، قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ـ أي: الزمن بيوتكن، فلا تخرجن لغير حاجة. اهـ.

ويتأكد أمر بقائها في بيتها إذا كانت مكفية بنفقتها، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: فإن خروج المرأة عن أولادها وبيت زوجها إلى العمل، هذا أمر خطير جداً، لأن المرأة ليست بحاجة إليه أي إلى التكسب بالعمل، إذ إن زوجها مأمور بالإنفاق عليها، لقول الله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ـ وهو الزوج: رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ـ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته عام حجة الوداع في عرفة: لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ـ ولقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ـ ولم يقل الله من قُدر عليه رزقه فلتكن زوجته معه تكتسب، فالإسلام نظام مُتَكامل يُحِّمل كل إنسان ما يليق بحاله، فعلى الزوج النفقة وعلى الأم الرعاية في البيت... اهـ.

وإذا كان العمل لا يستدعي خروجا من البيت، أو تفريطا في حق زوجها وولدها، فعملها بنية الصدقة على الفقراء والمساكين قربة من القربات، ثبت في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا، قالت فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا، قالت فكانت أطولنا يدا زينب، لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق.

وفي رواية الحاكم في المستدرك: وكانت زينب امرأة صناعة اليد، فكانت تدبغ وتخرز وتصدق في سبيل الله عز وجل.

ويبقى النظر في عمل لا يتضمن الوقوع في محاذير شرعية، لكنه يستدعي الخروج من البيت، فهل يستحب لها أن تخرج وتعمل من أجل الصدقة؟ فالذي يظهر ـ والله أعلم ـ أنه يستحب لها الخروج إذا انضبطت بالضوابط الشرعية بالالتزام بالستر وتجنب الاختلاط ومواطن الفتنة، روى مسلم من حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلها، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بلى، فجدى نخلك، فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا.

قال ملا علي القارئ في مرقاة المفاتيح: وقوله: فإنه عسى أن تصدقي ـ أي تتصدقي، تعليل للخروج، ويعلم منه أنه لولا التصدق لما جاز لها الخروج، و أو في قوله: أو تفعلي معروفا ـ أي من التطوع والهدية والإحسان إلى الجيران ونحوها للتنويع، يعني أن يبلغ مالك نصابا فتؤدي زكاته، وإلا فافعلي معروفا من التصدق والتقرب والتهادي وفيه أن حفظ المال واقتناءه لفعل المعروف مرخص... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني