الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في الاتفاق على وضع شروط مشروعة لتفادي الخلافات الزوجية

السؤال

أنا وزوجي في خلافات متواصلة، منذ الزواج، منذ تسع سنوات، ولنا ثلاث بنات. وفي السنوات الأخيرة أصبح يشتمني، ويسبني، وهو من بداية الزواج يقتر في النفقة، والآن لديه عمل جيد جدا، ويغضب إن طالبته بشيء، لم يشتر لي حجابا واحدا (عباءة) في التسع سنوات! ليس لي الحق في إبداء رأي، أو رفض أمر! فهو قائد السفينة حسب رأيه، أصبح يفتعل المشاكل من أمور تافهة كالغبار داخل الخزانة، والمواعين التي لا أغسلها أحيانا في الليل وأتركها للصباح ... ويشتمني، وأنا أرد عليه بالآيات، والأحاديث، وأرد الكلمة بالكلمة؛ لأني أصبحت لا أتحمل شتمه وإذلاله لي، لكني لا أسبه، لكن يمكن أن أكتب له حديثا عن النفاق، أو سباب المسلم الخ. فيعلم أني أقصده؛ فيسبني أكثر، ومشاكلنا أوسع وأعمق. أصبح يقول لي عند كل مشكلة: اذهبي وعيشي حياتك مع من يعززك، أنا أكرهك!
طلبت منه وضع شروط للإصلاح، قال لي: لا شروط الآن! الشروط قبل الزواج.
أطلب منه أن ينفق، أو يتركني أعمل، وهو لا يريد هذا، ولا ذاك! والدي هو الذي يعطيني المال لأشيائي الخاصة.
والداه في زيارة لنا؛ لأننا في بلد غير بلدنا، وأخي الكبير يعيش في مدينة قريبة.
فهل يجوز لي طلب جلسة يأتي فيها أخي، ووالده، ونناقش الأمور، ونضع شروطا لحلها؟
ما يهمني معرفته هو: هل يجوز وضع شروط لتفادي الطلاق، وأنا لا أطلب نجوم السماء! بل النفقة، والحقوق التي قسمها الله لي، ولبناتي؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت عن زوجك جملة من الأمور المنكرة، تنافي ما أمر الله تعالى به من حسن معاشرة الأزواج، في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، وتنافي ما جاء في السنة النبوية، في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بالنساء خيرا.

ومن هذه الأمور المنكرة السب والشتم، وقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء.

وكذلك تقتيره في النفقة، إن كنت تعنين بذلك أنه لا ينفق عليك بقدر الكفاية، كما هو الواجب على الزوج في نفقة زوجته، وقد أوضحناه في الفتوى رقم: 48166.

وإذا كان يبخل بنفقتك الواجبة، فارفعي أمرك إلى القاضي الشرعي، ليلزمه بالنفقة. وانظري الفتوى رقم: 49843، ورقم: 63276.

وخدمة المرأة في بيت زوجها، محل خلاف بين الفقهاء، أوضحناه في الفتوى رقم: 13158، ورجحنا وجوبها حسب العرف.

وعلى كُلٍّ، ينبغي أن يكون بين الزوجين التعاون، والتفاهم في هذا الأمر، بعيدا عن العصبية والتشنج.

وما ذكرت من الشروط، فلا حرج فيها، فغاية ما فيها أنها توثيق لحقوق واجبة لك على زوجك، وليست اشتراطا لشروط مستأنفة.

وكتابتك هذه الأحاديث عند سبه لك، إن كان بقصد تذكيره بخطأ ما يقدم عليه من السب والشتم، فلا بأس بذلك. وقد يكون الأولى ترك ذلك إن كان ذكرها يستفزه، ويدفعه إلى المزيد من هذا التصرف السيئ.

ونؤكد في الختام على أن يجتهد الزوجان في تجنب الخلافات، وأن يحرصا على تحري الحكمة في حلها عند ورودها؛ لتكون الأسرة المسلمة مستقرة كما أراد الله تعالى لها أن تكون كذلك، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني