الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ما يأخذه الولاة من أموال مقابل مناصبهم

السؤال

هل يجوز للمنظم الحاكم ومن حوله أخذ الأموال الطائلة جدا مقابل تنظيمه مما تترتب عليه مفاسد كثيرة؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يستبن لنا مراد السائل بوضوح، ولعله يقصد تصرف الولاة في المال العام، وهذا إنما يناط بالصالح العام، ولا يحل أن يكون تبعا للهوى والتشهي، وإلا كان تضييعا للأمانة، وأكلا للمال بالباطل، والأصل أن يفرض للحاكم أو الوالي من بيت المال ما يكفيه بالمعروف هو ومن تلزمه نفقتهم، قال ابن جماعة في تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام: للسلطان أن يأخذ من بيت المال كفايته اللائقة بحاله، وأهله... بالمعروف من غير إسراف ولا تقتير، قال عمر رضي الله عنه: إني أنزلت نفسي من مال الله تعالى بمنزلة ولي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف. اهـ.

وقد نص أهل العلم على أن من شغل بشيء من أعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله ذلك، كالولاة والقضاة وجباة الفيء وعمال الصدقة وشبههم، وأما استعمال المال العام بغير حق: فباب من أبواب النار ـ والعياذ بالله ـ فعن خولة الأنصارية ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة. رواه البخاري.

قال ابن حجر في فتح الباري: أي يتصرفون في مال المسلمين بالباطل. اهـ.

وقال المناوي في التيسير: القصد بالحديث ذم الولاة المتصرفين في مال بيت المال بغير حق وتوعدهم بالنار. اهـ.

وقال المُظْهِري في المفاتيح: قوله: يتخوضون ـ أي: يَشْرَعون في الغنيمة والفيء والزكاة ويتصرَّفون فيها بغير أمر الله ورسوله. اهـ.

وقال المغربي في شرح بلوغ المرام: ويَدْخل في هذا النوع من كان بيده مال الله تعالى من إمام أو وال، وصرفه في غير مصارفه اتباعًا لتشهِّيه واختياره. اهـ.

وقال القاري في مرقاة المفاتيح: في مال الله ـ أي ما في بيت المال، من الزكاة والخراج والجزية والغنيمة وغيرها. اهـ.

وقال الصنعاني في التنوير: المراد بمال الله: بالمال الذي لا يستحقه العبد، وهو حق لغيره تحت يده كالزكوات ونحوها من بيوت الأموال وغيرها. اهـ.

وراجع لمزيد الفائدة عن هذا الموضوع شرح الحافظ ابن حجر في فتح الباري لباب: رزق الحاكم والعاملين عليها ـ من كتاب الأحكام من صحيح البخاري.
وكذلك الباب الخاص بما جاء في أرزاق الخلفاء والأمراء والعمال، من كتاب التراتيب الإدارية للكتاني.

وباب: سيرة السلطان في الإنفاق من بيت المال وفي سيرة العمال ـ من كتاب سراج الملوك للطرطوشي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني