الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهدى زوجته هدايا بغرض رجوعه لبيته فانتفعت بها ولم تُرجِعه

السؤال

طلقت زوجتي طلقة أولى، ثم أرجعتها، وهي حتى الآن ترفض مرافقتي إلى المحكمة لاستخراج وثيقة الرجعة؛ فالمحكمة تطلب حضور الزوجة من أجل استخراج وثيقة الرجعة، وانظر الفتوى رقم: 292360
ومنذ ذلك الوقت لم أستطع الرجوع إلى بيتي، والذي هو ملكها، وهي تمنعني من ذلك، رغم أنها زوجتي شرعًا، وقد حاولت أن أرضيها بكل طريقة، ومنها تقديم هدايا، مثل سيارة جديدة اشتريها لها، وسجلتها باسمها بحسن نية وثقة، وكذلك اشتريت لها ذهبًا، ومجوهرات وغير ذلك، وهي تعلم -وكذلك أهلها جميعًا- أني إنما أقدم ذلك لها لكي ترضى، ولكي أرجع إلى بيتي، ونعيش معًا، ولكنها تقوم باستلام هذه الهدايا وتستخدمها، وتتصرف فيها، ولا ترفضها، بل تتفاخر بها أمام أهلها وصديقاتها، وفي ذات الوقت ترفض رجوعي إلى البيت، وتعلل ذلك بأنها لم تطلب هذه الهدايا، وبما أنني قد قدمتها لها، فيجوز لها التصرف فيها، علمًا أن أهلها، وأخوتها على علم بما يجري، ولا يفعلون شيئًا، ويعلّلون ذلك بقولهم: إنها زوجتك، ولا نريد التدخل بينكما، فما حكم الشرع في تصرف الزوجة بأخذ هذه الهدايا، واستخدامها، والتصرف فيها، مع علمها التام بالغرض منها، وهو رجوع الزوج إلى بيته، وكذلك منع الزوج من بيته، وما حكم الشرع فيما يفعله أهل الزوجة من سكوتهم عنها؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد بينا ما تحصل به الرجعة في الفتوى رقم: 30719.

وإذا كنت قد أرجعت هذه المرأة إلى عصمتك في زمن العدة -كما ذكرت- فهي زوجتك شرعًا، سواء رضيت أم كرهت؛ لقول الحق سبحانه: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ {البقرة: 228}، قال العلامة القرطبي: أجمع العلماء على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة، وكانت مدخولًا بها تطليقة أو تطليقتين، أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها؛ وإن كرهت المرأة. اهـ.

وأما صدور وثيقة بذلك من المحكمة، فهي للتوثيق المحض.

وعليه؛ فالمرأة في عصمتك، ورفضها أن تطيعك نشوز محرم؛ فانصحها بأن تتقي الله، وتعود إلى رشدها؛ فذلك خير لها في دينها، وأجمع لشمل ولدها، وعلى أهلها أن ينصحوها بذلك، ولا بأس أن توسط من تراه وجيهًا عندها، وعند أهلها حتى تنحل المشكلة، فإن أفاد هذا، فلا إشكال، وإن لم يفد، فلك أن ترفع الأمر إلى القاضي؛ لإلزامها بالرجوع إلى طاعتك، أو بحلٍّ مُرضيٍّ آخر.

وأما ما أعطيتها إياه: فالذي يظهر -والله أعلم- أنه لا يحل لها، وأن لك الرجوع عليها به؛ لأنها هبة من أجل غرض معين لم يتحقق، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وقال في الإنصاف أيضًا: ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية أبي الحارث، صحة دفع كل واحد من الزوجين إلى الآخر مالًا على أن لا يتزوج. ومن لم يف بالشرط، لم يستحق العوض؛ لأنها هبة مشروطة بشرط، فتنتفي بانتفائه. اهـ.

والأولى في مسائل المنازعات، الرجوع إلى القضاء الشرعي، فهو الفيصل في ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني