الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آداب وإرشادات في نهي الوالدين عن المنكر

السؤال

أنا ابن 16 عاما، تفقهت في الدين ـ ولله الحمد ـ وعلمت الحرام والحلال، وأطبق أصول الولاء والبراء مع كفرة النصارى والمرتدين في بلدي، وبلدي لا يحكم بشرع الله، بل مظاهر الكفر والشرك تنتشر فيه، وكل إنسان يدعو إلى التوحيد ويتكلم به يعتبرونه متشددا، وبالنسبة لي فقد منَّ الله علي بأن تعلمت التوحيد، وأبي يعلم الدين، وأحسبه يتعلم ولا يعمل! وأريد أن أطبق شرع الله في البيت، وهذا واجبي لكونه لا يطبق ببلدي، وهنا تكمن المشكلة، حيث أريد أن أأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وعندما لمحت لأهلي أنني سأشرع بهذا الأمر، نظروا إلي نظرات لا أدري كيف أصفها لكم، ومرات يقولون إنني لا أفهم الدين، وعندما رأيت أمي تسمع الأغاني ، قلت لها إنني سأحذف هذه الأغاني لأنها محرمة، ومن واجبي أن أزيل المنكر، بدأت تهدد وتتوعد، وهددتني بشكل مخيف، وأبي يدخن، والتدخين معصية، وهو منكر علي إزالته، لكنني أيضا تلقيت التهديد، ويسمع الأغاني في الصباح، فأقول له إنها حرام، فيقول لي إنها حلال وإنني لا أعلم شيئا، كما حصل خلاف كبير بيني وبين أبي عندما علمت أنه يريد أن يهنئ صديقه النصراني بعيد الكريسماس، وحاولت إقناعه أنه محرم، لكن أبي يراني صغيرا ومهما تكلمت يعتبرني جاهلا، وصدمت أكثر عندما تفحصت هاتفه ورأيت رسالة قد أرسلها للكافر النصراني تهنئة له بعيد الكريسماس للأسف، فما أفعل؟ وما رأيكم؟ وهل أستمر وأقوم بإزالة المنكرات في البيت دون خوف وإن نلت عقابا؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فشكر الله لك حرصك على الخير ورغبتك فيه، ونحن نعلق على ما ورد في سؤالك في النقاط التالية:

أولا: إياك والتعجل في الحكم على أحد بالردة، فإن أمر ذلك شديد، والأصل في المسلمين بقاؤهم على الإسلام، ولا يُحكَم بكفر الواحد المعين منهم إلا بعد تحقق شروط التكفير وانتفاء موانعه، وهذا لا يحسنه كل أحد، فدع عنك التكلف لما لا تحسنه.

ثانيا: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمة من شعائر الدين، لكن عليك بالالتزام بآداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي من أهمها التحقق من كون ما تنهى عنه منكرا، والرفق بالمأمور والمنهي، والصبر على الأذى الذي يلحقك في هذا السبيل، ولبيان بعض ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انظر الفتوى رقم: 286150.

ثالثا: ليس الوالدان كغيرهما في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعليك أن تلين لهما غاية اللين، وتبين لهما ما تراه منكرا بأحسن أسلوب وألطفه، ثم إنْ غضبا فاترك نهيهما وقد فعلت ما عليك، وانظر لبيان كيفية نهي الوالدين عن المنكر الفتوى رقم: 214936.

رابعا: قد تتلبس أنت ببعض المنكرات خلال حرصك على النهي عن المنكر، من ذلك ما ذكرته من تفحصك جوال والدك، فإن ذلك محرم لا يجوز لك فعله، فهو من التجسس المنهي عنه، فاحذر أن تحملك الغيرة على مخالفة الشرع.

خامسا: إن كان النهي عن المنكر يجر إلى مفسدة راجحة ويؤدي إلى حدوث منكر أكبر من المنكر المنهي عنه، فلا يجوز لك النهي عن هذا المنكر، وراجع للفائدة الفتويين رقم: 131498، ورقم: 161369.

وفي خلال هذه الإضاءات والإرشادات سر على طريق طاعة الله تعالى حريصا على ما يرضيه سبحانه متجنبا ما يسخطه جل وعلا آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، فإن تحققت أن عليك ضررا في الأمر والنهي سقط عنك وجوبه، وإن علمت أنه ينشأ عن إنكار المنكر منكر أكبر منه، فلا تنكره، متأدبا مع والديك مراعيا حرمتهما داعيا لهما بالهداية والصلاح. نسأل الله لنا ولكم الهداية إلى صراطه المستقيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني